في عالمنا العربي هل أصبح المواطن العربي يعيش دون رؤية واضحة على ضوء هذا الكم الهائل من المعاناة والتحديات؟
الحقيقة مرة ولا تحتمل المجاملة، فالأحلام لم تعد كما كانت في الخطط المتعلقة بالنهضة والحياة الأفضل التي داعبت خيال أغلبية المواطنين العرب في دولهم، فكان المواطن مهمشاً ولكنه موجود، يعيش والأمل يراوده ويشده للصمود والصبر والمثابرة من أجل حياة أفضل.
وخلال موسم الخراب والحروب المختلطة، كيف يتلمس المواطن العربي طريقه نحو مستقبل أفضل وهو يرى شعارات الماضي القريب عن الوحدة العربية والتضامن والتكامل تتهاوى أمامه دفعة واحدة، والسؤال هنا، ما الذي جرى وكيف وصلنا الى الحالة الراهنة؟ البعض وصل عن دراية ومعرفة والبعض تمّ إيصاله عنوة أو بالخديعة، لكن النتائج هي ذاتها، فجأة تتحطم أبراج الأحلام أمام الحقيقة الدامغة، وبعد أن مضت عقود من الزمن، إعتقد المواطن العربي في مسارها أنه وصل الى شاطئ الأمان وانتهت عصور الظلام وبات الإستعمار من الماضي، وفي اللحظة الراهنة تنكشف الحقائق، وإذا حاولنا التبسيط ونظرنا الى ثنائية “حرية الوطن والمواطن”، أين نحن منها في ضوء ما يجري من أحداث جسام في عالمنا العربي أو في أجزاء منه، وفي حروب التدمير الجارية، أصبحت الأوطان مستباحة أمام الإرهاب ومموليه، وأين حرية الوطن في ظل هذا الكم الهائل من القلق والخوف، أما حرية المواطن، فحدّث ولا حرج بعد أن افتقد أغلب حقوقه وتحطّم سلّم أولوياته وأصبح مطلبه الوحيد الحفاظ على وجوده وبعد أن أثقل كاهله بالمسؤوليات في ظل اختلال وضياع ما بين حقوقه الضائعة وواجباته المستحقة.
من السهل أن نصف الحالة وأسبابها ونحن نعيشها في ظل المعاناة الكبيرة، لكن العلاج يحتاج الى قراءة الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي وفي مضامينه هناك الكثير من مواطن العلل والعقد والنزيف المستمر.
إن تلمسنا لفهم الحقيقة كما هي، سيدفعنا نحو العمل الهادف والبدء بتغيير الكثير من المفاهيم البالية التي أصبحت عقيمة أو عديمة الجدوى، والتوجه من جديد من خلال رؤية جامعة تأخذ في حسابها مواطن الخلل وأسباب الضعف والهوان، فالأوطان تحتاج الى صيانة حريتها المكسورة والمشوّهة، والمواطن يحتاج الى إعادة بناء ذاته والتخلص من الأفكار الهدامة وحيث لا يمكن أن تتحقق حرية المواطن دون حرية الوطن، ولن تتحقق حرية المواطن من خلال رؤى قاصرة أثبتت فشلها، والتغيير هنا يحتاج الى صهر جهود الجميع في بوتقة واحدة، وهذا هو السبيل الوحيد لمواجهة الأخطار المحدقة، والوقت يمر بسرعة، ولا بد من مواجهة الحقائق بجرأة وموضوعية.
هزيمة الإرهاب اليوم أصبحت أولوية لأنه الخطر الذي يهدد الجميع ويقود الى الفوضى والخراب والتدمير وهدم صرح الأوطان، والإرهاب آفة يجب مقاومتها وبقوة وقطع دابرها وفضح ممولي الإرهاب وداعميه.
أمتنا تملك الإمكانيات والقدرات والثروات، ولذلك فهي مستهدفة، علينا أن نتخلّص من التخلف المزمن الذي أصاب البعض، والإنتقال الى مرحلة جديدة، نتمكّن من خلالها من استخدام مواردنا بشكل يتناسب مع حاجاتنا عندها نكون جديرين بالحياة وامتلاك رؤية حقيقية قبل أن يفوت الأوان.