يحلو للبعض أن يسوّق صور إنتصارات مزعومة من خلال غطرسة القوة وفوائدها المفترضة، إنه بذلك أقرب ما يكون الى الهزيمة، ويسوّق الإعلام المأجور صور لإنتصارات واهمة لا تحمل قضايا نظيفة ويحاول التغطية على واقع صعب ضاعت فيه الفرص الحقيقية لتصحيح المسار والعودة الى جادة الصواب.
ما يحصل من عدوان سعودي يستهدف اليمن لا يختلف في الأهداف عن العدوان التركي الذي يستهدف سوريا والعراق، وما بين هذا وذاك هناك مَن يروّج لحلول قادمة وتحت عنوان “فرض حلول”.
إنها لعبة أدوار واضحة وفاضحة لأصحابها، ونقول، إن لا مكان للصغار في ملاعب الكبار، وأي حل إذا لم يترافق بعدالة القضايا ورؤية الوقائع كما هي، سيعني قفزة في الهواء، ومحاولة للحصول على الشيء ونقيضه، وعندها ليس من المنطق أن تطالب بحصاد أنت لست بزارعه وراعيه.
وبعد توقيع الإتفاق النووي الإيراني مع دول 5+1، تحدّث البعض بلغة مزدوجة، ومنهم مَن حاول وضع العراقيل قبل وبعد، وذهب بعيداً في محاولته تغيير إتجاه البوصلة وطبيعة الأشياء، وصولاً الى إشعال الحروب على مساحة واسعة من عاملنا العربي، وإعادة ترتيب سلم الألويات بحيث أصبحت تناسب أعداء أمتنا.
إن الحديث عن خرائط وانتصارات “وفرض حلول” هو أقرب الى الخيال ومحاولة استباقية وإسقاط إفتراضي، وهي مرتبطة بأجندات ومشاريع جديدة في المنطقة وكمحاولة للهروب الى الأمام.
والسؤال، ماذا جنى بعض “العرب” خلال السنوات الماضية وما حقيقة أدوارهم الحالية واللاحقة؟ بالتأكيد أدوارهم مازالت ثانوية وهامشية، في الوقت الذي تعطى فيه الأدوار الأميركية لـ “تركيا أردوغان” وعبر وكالة جرى تجديدها كي تناسب الأحداث والتطورات المتلاحقة في المنطقة.
وفي صور الإنتصارات الواهمة والحديث عن الفرص، فأي إنجاز هذا الذي يتم من خلال لعبة الأدوار، البعض من “العرب” يتحدث عن الحسم في اليمن وفرض الحلول على سوريا، وضمن تسويق “الحرب شر لا بدّ منه” و”ضرورة حماية الحصون العربية”، وأي حصون هذه بعد أن استباح الكيان الصهيوني مقدساتنا في فلسطين واستباح أرضنا؟
“الدور التركي” اليوم مدعوم أميركياً وسعودياً وقطرياً، وهو الدور المرسوم منذ سنوات، ويتحدثون عن التوازن الإقليمي في المنطقة بعد توقيع الإتفاق النووي الإيراني، ومن خلال الصفقة “الأميركية – التركية” والممولة “عربياً”، تحت عنوان “محاربة داعش وفتح الأجواء والقواعد التركية أمام الطائرات الحربية الأميركية”.
إن إعادة تلميع الدور التركي في المنطقة، يحقق لـ “تركيا” عدة أهداف، مثل الإعتراف بها كطرف أساسي في محاربة “داعش”، وضوء أخضر لتصفية الحسابات مع حزب العمال الكردستاني، وتنفيذ الخطة التركية القديمة، شن غارات على الأراضي السورية تمهيداً لإقامة حزام أمني على امتداد الحدود السورية مع تركيا.
وفي البحث عن حلول لأزمات المنطقة، هناك القواسم “الروسية الأميركية” وما يتم إعداده للخروج من الحالة الراهنة، يأتي هذا بعد أن توسع الإرهاب في المنطقة وتفاقم الخطر الذي يمثّله.
وحاولت تركيا استباق الحدث والإسراع في تنفيذ دورها المرسوم أميركياً، ورأت في ذلك فرص للتخلص من نكساتها الأخيرة (فشل الإنتخابات الأخيرة من تمكين أردوغان لإقامة نظام رئاسي، وتراجع الإقتصاد وتهديدات الإرهاب وازدياد نفوذ الأكراد في المعادلة التركية الداخلية).
وفي أبعاد المشروع التركي وبدعم أميركي، إزاحة المنظمات المصنفة إرهابية دولياً عن حدودها مع سوريا، وتسليم “المنطقة الأمنية” المفترضة الى منظمات تسمى “معتدلة” تسمح له لاحقاً فرضها في أي حل يتم في سوريا كورقة تفاوضية تعيد تركيا الى طاولة البحث حول الوضع السوري بعد أن أخرجت منه.
بالتأكيد، مثل هذه المشاريع لن تمر، وخطط أردوغان فشلت في الماضي وستفشل في الحاضر ولأن قواعد اللعبة تغيّرت ما بعد توقيع الإتفاق النووي، وهذا سيؤدي الى تدخل دولي وخلط الأوراق من جديد، ما سيؤدي الى طور جديد في الصراع الدائر في الشرق الأوسط.