لا شك ان الموحدين الدروز في سوريا كغيرهم من ابناء الوطن يعيشون فى حالة حرب، وهى حرب جديدة عليهم بعدها الإقليمى لا يقل خطرا عن بعدها الداخلى إن لم يزد. ليست بالتأكيد كالحروب التي تخوضها المقاومة في مواجهة جيش العدو الاسرائيلي.
العنصر الجوهرى فى الحرب الحالية هو الانفلات الكامل وربما النهائى للتنظيمات الارهابية المسلحة فى سائر المنطقة ، هى حرب تمتد شباكها من الجبال والكهوف فى باكستان وحتى أحراش بوكو حرام فى غرب افريقيا.
خطورة الحرب على الموحدين الدروز في سوريا لا تنبع من قوة العدو، فموازين القوة بين الطرفين تبدو متقاربة احيانا ، ولعل المواجهة الأخيرة فى”حضر” في جبل الشيخ خير دليل، حيث لم تنقض ايام عدة لتصبح “ولاية حضر” الداعشية فى خبر كان.
تعود خطورة الحرب الجارية لسببين أساسيين، أولهما طابعها الإقليمى ودخول “اسرائيل” على خط الازمة ، وثانيهما ولعله الأهم، حالة اليأس والجنون التى أصابت الجماعات الارهابية المسلحة لا فى سوريا وحدها ولكن على امتداد المنطقة بأكملها ، وذلك بعد أن صمد الشعب السوري فى مواجهة هؤلاء التكفيريين الذين مارسوا ابشع انواع الجرائم والدمار والخراب .
أهم ما يميز هذه اللحظة من تاريخ الموحدين الدروز الحديث والمعاصرهو أفول وانحدار جماعة “الاخوان المنافقين” التى طغت طغيانا تاما وقاطعا ونهائيا على عقول الكثيرين من النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية وحاصرت اختياراتهم وقيدت ارادتهم لنحو سنوات طويلة من الزمان، ، فصار بعض العرب من الانظمة الخليجية استثناءً لحركة التاريخ العالمي، ومنبعا للتطرف والإرهاب التكفيري.
مقاومة الموحدين الدروز في جبل الشيخ ومحافظة السويداء دليل على تمسك هذه الجماعة ببوصلتها القومية ، ولموقعها من التاريخ، وتمسكها بالتوحيد منهجا حفاظا علىى الارض والعرض..
انها حرب إذن، وهى حرب تختلف عن كل ما عهدناه من حروب، خطورة “النصرة و”داعش” فيها تندرج في اطار حرب وجود .
وهى حرب ثمن الهزيمة فيها سبى النساء والأطفال وذبح الرجال وابادة الأقليات الدينية والمذهبية. ومع ذلك يجدر بنا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح. يأس الجماعات الارهابية المسلحة وامتداداتها الخليجية والدولية لا ترقى ولا يمكنها أن ترقى لأن تشكل تهديدا لوحدة التراب الوطنى السوري ، ولتماسك الموحدين الدروز وثرثرة الفضائيات الغربية والخليجية بالمخاطر المحدقة وبمصائر سوريا والعراق وليبيا ما هى إلا ثرثرة فارغة وراءها حالة من الترويج السياسي والاعلامي لهذه الجماعات التكفيرية واستعمالها ذريعة للانقضاض على ما تبقى من استحقاقات ورموز وقيم عربية وحضارات جامعة.
الحروب تكسب بالعقل لا بالهستيريا والجعجعة ودق الطبول، ولغة العقل المقاوم هي وسيلة الموحدين الدروز فى حربهم ضد قوى قوامها الفكرى والسياسى والميدانى هو القهروالتكفير والذبح والظلامية.