في الترتيبات والدبلوماسية وإدارة الأزمة، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة “السعودية وباقي دول الخليج” الى لقاء في كامب ديفيد لإبلاغهم بأنه ماضٍ في توقيع الإتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، وهذا يعني أن لا إختراق في الموقف الأميركي لجهة مواجهة طموحات إيران الإقليمية، وما يراه قادة الخليج فرصة سانحة للضغط على إيران، يراه الأميركي فرصته لإفهام ضيوفه “بأن هناك تحولات في المنطقة، وهي تحولات أخذت الكثير منهم على حين غرّة، والتغيير يبعث دائماً على الخوف”، أي أن الإنزعاج مبعثه بأنهم تفاجأوا بما يحدث في المنطقة، وأنهم يخافون التغيير بدلاً من الإستجابة والتأقلم، وهناك أسباب أخرى للإنزعاج “السعودي – الخليجي”، يتمثّل بما قاله الرئيس أوباما لصحيفة “نيويورك تايمز” بالنص: ” ربما إن أكبر الأخطار التي قد تواجهها “دول الخليج” لن تأتي من غزو إيراني، بل من عدم رضا من داخل هذه البلدان”، أي أن مشكلة دول الخليج ليست إيران، بل مقاومتها ضرورات التغيير في الداخل والإستجابة لما سيحدث في المنطقة إنطلاقاً من هذه الضرورة.
وفي نتائج لقاء “كامب ديفيد – الخليجي”، ما عبّر عنه الرئيس أوباما في مؤتمره الصحافي ما بعد اللقاء، أكّد “أن هدف الشراكة الجديدة بين أميركا ودول الخليج ليس تأييد مواجهة طويلة مع إيران ولا حتى تهميشها”، ووثائق اللقاء تكشف “أن الأميركيين والخليجيين يتفقون في الأهداف المتعلقة بالمسائل الأمنية والعسكرية واستقرار المنطقة ولكنهم يختلفون في الرؤية السياسية الناظمة لمثل هذه الأهداف”.
ركّز الوفد الخليجي على البحث عن تطمينات بدلاً من البحث عن تفاهمات جديدة تعزز قدرات بلادهم الذاتية كمصدر الحماية لمصالحهم وليس فقط شراء السلاح وهذا ناجم عن خلل في الرؤية وليس في القدرة وهو تعبير عن التخلف والفشل السياسي، وهم بذلك ينسجمون مع دورهم الحقيقي في التبعية المفرطة للسياسة الأميركية.
وكان من الأفضل لهم والأجدى منفعة، أن يبحثوا عن التوافق بين جميع الأطراف والى تحقيق حلم التعايش بأمن واستقرار والتأكيد على حق الشعبين العربي والإيراني بحياة حرة كريمة ونمو وإنتاج وإبداع وهذا لا يتحقق من خلال التهديد والوعيد وتغيير إتجاه البوصلة وخلط الأوراق وازدواجية المعايير وعدم رؤية العدو الحقيقي الذي يستهدف الأمة في حاضرها ومستقبلها.
والوقائع تقول، إن الظروف الحالية السائدة في المنطقة، هي حصيلة التدهور الأمني والإرهاب الذي يجد بيئته في السياسات الخاطئة والرؤية القاصرة، وهو حصيلة الإنخراط في لعبة كبرى تديرها الدول الإستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة، لنيل مصالحها من خلال اللجوء الى بعث عوامل الإنقسام والتفرقة والتلاعب بمصير المنطقة، ومن خلال دعم الإرهاب الصهيوني وجميع أشكال الإرهاب وإشعال الحروب وتغذية عوامل الحقد والكراهية، وهدفها الهيمنة على المنطقة وزيادة مبيعاتها من الأسلحة ونهب ثروات المنطقة وتركها فريسة الخراب والدمار.
في المحصلة، الإدارة الأميركية ماضية في إنجاز إتفاقها مع إيران في نهاية شهر حزيران المقبل، وهي عملت على إرضاء الخليجيين وإبلاغهم حقيقة أدوارهم، وتريد إدارة أوباما احتواء الأزمة في اليمن، بينما تريد السعودية استراتيجية للخروج من اليمن وبأسرع الأوقات حيث بدأ العد العكسي يثير خوفهم من تداعيات الأحداث هناك.