ويستمر الصراع في المنطقة ويتّخذ أشكالاً وأبعاداً جديدة وعلى مساحة جغرافية أكبر، وتتضح الأهداف تباعاً وتكاد تضيق الفجوة ما بين الحسابات التكتيكية والإستراتيجية، لذلك يزداد لهيب المعارك وبترابط واضح، المعركة واحدة من عدن وصنعاء في اليمن الى جسر الشغور وإدلب في الشمال السوري.
محور المقاومة في أمتنا سوريا وإيران ومعهما المقاومة الإسلامية والوطنية في لبنان في الواجهة ومعه كل المقاومين في أمتنا، والإنجازات تتم وفق استراتيجية تقررت بناء على معطيات دقيقة، ومحور المقاومة لن يسمح للأعداء بتحقيق أهدافهم، أي أن المعركة مستمرة ونحن أمام مرحلة جديدة من التصعيد، وأغلب ما لدى الأعداء هو الرهان على حرب تطول واستخدام الإستنزاف والحرب النفسية.
ما يحصل في الهجوم البربري التركي في شمال سوريا، هو أن تركيا تستخدم العصابات المسلحة والمدعومة بأموال قطر والسعودية، حيث تشارك في المعارك كتائب شيشانية وتركستانية وهدفها تحقيق إنجاز ما يصب في مصلحة “أخونة” الهدف وتجييره لحساب إرهاب “النصرة” وتحقيق إنجاز يسمح فيما بعد بتسويق هذه العصابة في أي تسوية مفترضة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تغطية مبرمجة لفشل العدوان السعودي الذي يستهدف اليمن وكونه لم يحقق أي من أهدافه المعلنة، وعلى العكس من ذلك بدأت تداعياته تظهر في الداخل السعودي على شكل تصفية حسابات داخل الأسرة الحاكمة، ولم يستطع غبار العدوان أن يغطي الحقائق الماثلة هناك، وفي المحصلة هناك فشل سياسي مدوي بعد استمرار الغارات التي تقودها السعودية على اليمن للأسبوع الخامس على التوالي.
وفي إطار الهجوم الشامل الذي تقوم به السعودية في المنطقة ومدعوماً بالأتراك والقطريين، كان الهجوم على إدلب ومعبر نصيب على الحدود الأردنية – السورية، وبقرار سعودي، ومن دون أن يكون له أي أهمية استراتيجية كما تؤكّد حقائق الميدان.
إن محاولة تركيا استخدام جماعات شيشانية تابعة للإستخبارات التركية، تمّ بعد فشل الرهان على إنشاء مجموعات جديدة لا تملك الخبرة، وإسقاط ذلك لحساب دور محوري لجماعة “النصرة” من خلال عملية جسر الشغور، وتصعيد تركي هدفه تحويل الساحة السورية الى بؤرة لتصفية حسابات سعودية وقطرية وذلك بعد أن فشلت جميع الأساليب السابقة تحت عنوان المعارضة المسلحة.
ما تقوم به تركيا أردوغان من تدخل في الشمال السوري عن طريق احتلال بالوكالة سيفتح مساراً جديداً في الحرب التي تشن على سوريا، وهذه المحاولات تأتي بالتزامن مع التحرك الذي يقوم به المبعوث الأممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا لإحياء ما يسمى العملية السياسية، ومشاوراته بدأت بالإتصال مع كافة الجهات وبدت وكأنها عملية خلط للأوراق وهدفها تحقيق أهداف “سعودية – قطرية” مثل تسويق لجماعة “النصرة” الإرهابية.
وبالتأكيد فإن الهجوم على جسر الشغور في شمال سوريا، هو عملية مدبرة تستخدمها المخابرات التركية، تماماً كما حصل في عملية كسب قبل عام، والعملية تعكس تبلور تحالف قطري – سعودي – تركي، هدفها التأثير على متانة الجبهات السورية وهي محاولة لإنتهاز فرصة المرحلة خلال الشهرين التي تلتزمها إيران لتوقيع إتفاقها النووي مع دول 5+1، ويظن الأعداء بأن هامش المناورة الدبلوماسية والعسكرية قد تقلّص في المرحلة الراهنة لدى محور المقاومة.
المرحلة حافلة بالتطورات المفتوحة على كافة الإحتمالات ومن عدن الى صنعاء في اليمن وإدلب وجسر الشغور وجبهة الجولان في سوريا، يستمر الصراع في المنطقة، والنصر في النهاية حليف القضايا النظيفة وسينهزم أعداء الأمة وستلاحقهم لعنة الأجيال والتاريخ.