بداية هل تغيّرت المفاهيم فجأة دون سابق إنذار؟
ومن أين جاءت هذه النخوة العروبية “عاصفة الحزم”؟
وأين الأمن القومي العربي من أمن الممالك والعروش؟ وهل تبدّلت قضايا الأمة وسلم أولوياتها؟
هل تمّ تحرير فلسطين ودخلنا في ترف الإقتتال بعد أن غمرتنا أفراح وأهازيج النصر؟
ما الذي يجري في عالمنا العربي؟ وهل تغيّر إتجاه البوصلة على وجه الكرة الأرضية؟
إنها أمور مثيرة للسخرية والإشمئزاز، فئة تعيش في عالم آخر وتغرق في التيه والضلال، أعمتها ثروات طائلة تعود للشعب العربي وخيّل لها أنها تملك الدنيا ومَن فيها، تشتري الذمم والمواقف كما تشتري السلاح وتتاجر بالفقراء وتزج بهم في أتون صراع لا طائل منه إلا الدمار والخراب وفك عرى التواصل والتعاضد بين أبناء الأمة وجعل البلدان منهوبة لقوى الهيمنة والإرهاب.
حروب بلا قضايا وإنتصارات كاذبة! حيث لا عدو في المقابل، صوّبوا سلاحهم بإتجاه “اليمن السعيد”، أزعجتهم التسمية والموقف والأصالة التي لا تليق إلا بأصحابها أولئك الذين يحملون قضايا أمتهم ويعرفون عدوهم الحقيقي.
أنظمة باعت تفسها للشيطان وتنصّلت من القضية الفلسطينية ولبست لبوس “مبادرة” هدفها تقديم خدماتها للعدو الصهيوني وهي التي لم تطلق طلقة واحدة في مقاومة العدو، بينما توجّه طائراتها الأميركية نحو اليمن وترمي ببلد عربي شقيق بأطنان القنابل والصواريخ، وبنفس الوقت يستمرون باستهداف سوريا ودعم العصابات التكفيرية وقوى الإرهاب المموه بشعارات لا علاقة لها بالدين وهو منهم براء، ويثيرون حروباً طائفية ومذهبية وما بين المذاهب ذاتها، وهناك حروب عشائرية وإثنية، والهدف تدمير مقدرات الأمة وبناها التحتية؟
والسؤال، ماذا يريدون من اليمن؟ وهم يدعون بأنه “حديقتهم الخلفية”؟ والبعض وصفه “بصحن الدار”، وهل أبقت حروبهم التدميرية أي مجال لتواصل عربي حقيقي، وهم في الحقيقة يريدون فرض هيمنتهم على اليمن، والسؤال، هل هذه أولوياتهم الجديدة؟ وهم بذلك يتنصلون نهائياً من القضية الفلسطينية وحتى من الناحية النظرية وقمتهم الأخيرة أعادت ترتيب أولوياتهم، إنها التعبير عن المتغيرات التي تحدثوا عنها والثورات المزورة، وعاصفة حزمهم تستهدف قطراً عربياً، وهذا يعني السماح لقوى الهيمنة والسيطرة بإحكام قبضتها على المنطقة حتى تبقى أسيرة التخلف والفقر والتبعية والتجزئة.
ليس صدفة العدوان على اليمن وفي توقيته أكثر من سؤال وهو تزامن في ذروة المفاوضات الإيرانية مع دول 5+1 للتوصل الى إتفاق.
فما حصل في اليمن من عدوان هي جوائز ترضية لحلفاء واشنطن تشير الى دورهم اللاحق في المنطقة، أمن الحكام في الخليج والضحك على الشعوب بالتغني بالأمن القومي العربي الذي لم يعد موجوداً في أجندتهم، ومطلوب من الدول التي تشارك في حرب اليمن تسديد استحقاقات سابقة، وتقديم دفعة على الحساب تثبت جدارتهم في شن حروب مجنونة وخلق عدو وهمي وتعمية على عدو أمتنا الكيان الصهيوني ومَن يدعمه، ولن يمضي وقت طويل حتى نسمع بأخبار الإنتصارات الكاذبة وحساب الأرباح المضللة من الحرب التي تشن على اليمن، وبالمقابل حجم صفقات السلاح الأميركي من أموال وثروات العرب، ويحدثونك عن التوازن في المنطقة والذي طال إنتظاره، وهل من توازن لدى مَن فقد إتجاه البوصلة وارتمى بأحضان الدول الإستعمارية، وأي حزم هذا الذي يدمر إمكانيات أبناء الأمة ويحول البلدان الى دمار وخراب وبعدها يحدثونك عن الأمن القومي العربي وعودته بعد أن طال الغياب، ويبدو أن الآتي أعظم إذا ما استمر هذا الحال.