في الفرضيات، من الخطأ القول، إن “اللوبي الصهيوني” في الولايات المتحدة يفرض على السياسة الأميركية إتخاذ قرارات ومواقف تتعارض مع المصالح الحقيقية للولايات المتحدة في المنطقة العربية، وإذا أردنا أن نصدق ذلك جدلاً، سنظهر في صورة مَن يدافع عن الولايات المتحدة ويعتبرها نبراساً للعدل والقوة وأمراً يحتذى به، وسنظهر أيضاً كمن يصوّر “الصهيونية” بأنها قادرة على كل شيء.
بالتأكيد، إن جماعات الضغط في الولايات المتحدة ما هي إلا من صنع وتشجيع الحكومة الأميركية وبما لها من قوة تنشئ جماعات الضغط هذه وتشجعها وتستطيع أن تلغيها كلياً كلما اقتضت الضرورة، وفي المحصلة يمكن القول، إن الكيان الصهيوني ما هو إلا ثكنة متقدمة في المنطقة تعمل لتحقيق مصالح الولايات المتحدة ودول الغرب الإستعماري، وبأن “اللوبي الصهيوني” هو أداة من أدوات السياسة الأميركية وليس العكس.
في كلمته أمام المؤتمر السنوي للجنة العلاقات الإسرائيلية – الأميركية (إيباك) قال رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو، إن العلاقات الأميركية – الإسرائيلية هي أقوى من أي وقت مضى، وكذلك يؤكّد الجانبان على عمق العلاقة وعلى أهمية رص التحالف بينهما على المستويين الأمني والسياسي.
وشكر نتنياهو الرئيس الأميركي باراك أوباما على “الدعم الدفاعي والأمني غير المسبوق الذي ظهرت نتائجه في غزة الصيف الماضي 2014″، وأكّد احترامه للرئاسة الأميركية وشخص الرئيس أوباما لما فعله من أجل “إسرائيل” في التعاون الأمني والإستخباراتي المشترك وفي الأمم المتحدة وفي أمور هامة محظور الحديث عنها، واعتبر نتنياهو بأن خطابه أمام الكونغرس، ليس إقحاماً لـ “إسرائيل” في الإنقسام الحزبي الأميركي، لأن الدعم لـ “إسرائيل” هو من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء.
وبشأن البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات الجارية بين إيران من جهة والولايات المتحدة بشكل خاص ودول 5+1 بشكل عام، تحدّث نتنياهو عن خطر البرنامج النووي الإيراني، وبأن غاية خطابه هي الحديث عن صفقة محتملة مع إيران تعرّض وجود “إسرائيل” للخطر، لذلك يتمّ العمل سوياً مع الولايات المتحدة لمواجهة الأخطار المشتركة.
لذلك يسعى نتنياهو لإقامة تحالف أوسع مع الولايات المتحدة وهو بهذا يبحث عن القوة والوسائل اللازمة، ولمّح الى مواجهة وتحرّك منفرد ضد إيران وحذّر من أن الكونغرس قد يكون الكابح الأخير لمنع إتفاق مع إيران يتيح لها إمكانية امتلاك قدرات نووية تسليحية.
بدورها أكّدت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامانتا باور أمام لجنة “إيباك”، إلتزام الولايات المتحدة بأمن “إسرائيل” حتى في الإتفاق النووي بين القوى العظمى وإيران، وأشارت الى أن الولايات تحارب يومياً الحملات على “إسرائيل” في الولايات المتحدة، وحاولت طمأنة “إسرائيل” بقولها: “الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي، وبأن استراتيجية الحفاظ على أمن “إسرائيل” التي تعتمدها واشنطن تتخطى السياسة”.
اللافت بعد خطاب نتنياهو أمام “إيباك” وقبل خطابه أمام الكونغرس، كان هناك مقابلة صحفية للرئيس باراك أوباما مع وكالة “رويترز” قال خلالها أوباما: “يجب على إيران أن تلزم نفسها بتجميد لأنشطتها النووية يمكن التحقق منه لعشر سنوات على الأقل من أجل التوصل الى إتفاق نووي مهم”. وقال مراقبون عن المقابلة إنها “مقامرة كبرى”.
والملاحظ أيضاً، نتنياهو شكر الجميع على كلماتهم أمام “إيباك” لكنه تجنّب شكر ممثلة الرئيس أوباما سامانتا باور، وإنما شكر جيب دبليو بوش الجمهوري من بين المرشحين للرئاسة الأميركية في العام 2016.
ويمكن القول بأن الخلاف الأميركي – الإسرائيلي، هو خلاف عابر لن يكون له ضرر دائم كما قال الرئيس أوباما “لكن يوجد اختلاف مهم بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية حول كيفية تحقيق هدفهما المشترك لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية”.
وإيران بدورها متمسكة وبكل قوة ببرنامجها النووي وتعهّدت الذهاب الى أقصى ما يمكن (كما قال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف) من أجل تسوية ملفها النووي واشترطت لإبرام إتفاق نهائي مع رفع كامل العقوبات المفروضة عليها، وأن العقوبات والإتفاق لا يمكن أن يستقيما معاً.