بعد جريمة إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة من قبل “داعش”، خرجت بعض الأصوات ومن خلفيات معينة، لتروّج الى ما بعد الحادث وفي سياق الرد على جرائم “داعش” الإرهابي واستثمار ذلك ومحاولة صرفه في الفكرة الأصلية “استهداف سوريا” من جانب مَن موّل ودعم “داعش” وأوصلها الى هذا الحد، أي أن هناك محاولة لخلط الأوراق في المنطقة وترتيبها بطريقة معينة من أجل تحقيق أهداف معينة.
وفي الفرض، أن العدو هو “داعش” الذي أنجز فعلته الشنيعة وكان الأجدى أن يتم تسليط الضوء على الجريمة وفاعلها، اللافت اليوم، هناك مَن يتحدث عن تصعيد عسكري يحضر له الأردن للثأر من قتلة الطيار الأردني ولكنهم يتوقفون عند السؤال (لكن وكيف ومتى ومع مَن) على الرغم من وضوح الهدف المراد، يذهبون بعيداً في الحديث عن حرب برية للوصول الى “داعش” وكيف يمكن أن يحارب الأردن ومعه “دول المنطقة” تنظيم داعش وأن ينتصر عليه، ثم يعيد بناء المنطقة بشكل يمنع ظهور “داعش” آخر؟
وفي عملية نفخ مبرمجة لقدرات الأردن ومحاولة للزج بالشعب الأردني في أتون صراع بعيد عن الهدف المعلن (الثأر) لإحراق الطيار الأردني، يرى أولئك البلهاء “أن البداية يجب أن تكون من سوريا وإخراجها من أي ترتيبات للحرب ضد “داعش”، أي أن سوريا هي الهدف وليس “داعش”، ويقولون: “يجب المرور فوق الدولة السورية، حيث لا توجد حلول سهلة لسوريا، فلا بدّ من حرب قاسية، وأيضاً “يجب البحث عن حلول من خارج الصندوق”.
ويحاولون إبراز دور كبير جداً محتمل للأردن، “يمكن أن يلعبه لمعالجة الأزمة السورية، فالملك عبدالله الثاني، الذي يحظى باحترام كبير كما يقولون، بوصفه زعيماً معتدلاً، يمكن أن يُمنح من خلال توافق عربي – دولي تحت مظلة الجامعة العربية والأمم المتحدة حق الوصاية على سوريا لمرحلة إنتقالية، بحيث يضمن العالم وجود القيادة القادرة على إدارة التحول الآمن في سوريا، وهناك سابقة في ذلك، بحصوله على حق الوصاية على المقدسات الإسلامية في القدس”.
ويحدثونك عن “الحل الأردني، الذي يضمن الشروط! وقيادة معتدلة قادرة على إعطاء الضمانات الكافية لكل الأطراف، وتوفير الضمانات المتعلقة بأمن “إسرائيل” بشكل يلغي التخوّف من احتمالات فوضى”.
وأولئك يرون “أن الجهات الإدارية والأمنية الأردنية، لا بد أنها متحمسة للعب هذا الدور بعد جريمة حرق الكساسبة المروعة والتي حشدت دعماً شعبياً لأي تدخل أردني، وخصوصاً أنه حصل على دعم ومشاركة عربية ودولية”.
والسؤال، أي دور هذا الذي يُحضر للأردن، ألم يكفِ أن طريق الإرهابيين مفتوح على مصراعيه من الجانب الأردني بإتجاه سوريا وبمباركة أميركية – صهيونية وغيرها؟
لقد ألحق “داعش” أكبر إساءة للإسلام ولقضايا العرب، من خلال جرائمهم الوحشية، وهذا الحقد الأعمى في قلوب هؤلاء المجرمين لخّصته العبارة التي استخدموها شعاراً للنار التي أشعلوها في جسد الطيار الأردني (شفاء الصدور) هو التعبير عن المرارات في داخلهم لأن أحلامهم جرائم وقتل للأبرياء ونشر للتخلف والدمار أينما حلّوا.
نقول، لحظة الحقيقة تقترب وتدور الدوائر على المعتدين، وما كان يجري في السر أصبح واضحاً في العلن، المشروع وأدواته هي ذاتها لم تتغيّر بعد، وهم ينتظرون أي فرصة للإستمرار في غيّهم وضلالهم غير آبهين بمصالح أبناء أمتهم وهم مستمرون في إشعال النيران من خلال حقدهم وضلالهم، والصراع مازال في أوجه.
يرى الآخرون بأن الأمور مفتوحة على أكثر من إحتمال، لكن يقيننا نحن هو إيماننا بخيار المقاومة لأنه السبيل الوحيد القادر على دحر العدوان وإفشال المؤامرة، والوصول الى النصر النهائي.