أغرى الانفتاح الاميركي على الجمهورية الاسلامية في ايران ،دولا كثيرة للاسراع بالانفتاح في علاقاتها الثنائية معه،منها ما جاء بضغط المصالح المشتركة والتهديد الذي لاح بالافق جراء تعاظم قوة عصابات داعش وتمددها على مستوى عدد من الدول العربية ومنها ما وجد في ماحدث فرصة لاعادة ترميم ما تهدم أو تأكيد تفاهمات سابقة.
واذا كان تراكم الخلافات والمشكلات البنيوية المعقدة بين دول المحيط الاقليمي يستدعي في مخرجاته الاولية البدء بمرحلة اذابة الجليد للانتقال الى مرحلة التفاهمات لتذليل المعوقات ومن ثم الشروع بالمراحل السياسية اللاحقة تباعا ،فهذا ما يفسر اسراع تيار المستقبل من جهة وحزب الله من جهة اخرى الى اطلاق جولة من الحوار بينهما حيث يغدو اللجوء الى التكتيكات المؤقتة هو الحل البديل بين الطرفين قبل التوصل ربما حسب المراقبين الى توقيع مذكرة تفاهم توضع فيها الخطوط العامة وتفصل فيها توقيتات لاحقة لكي تتحول الى محطة سياسية تمهد فعليا لعودة الرئيس سعد الحريري الى سدة الحكومة وسد الفراغ الرئاسي ،فضلا عن التأكيد على رصانة ومتانة الموقف التفاوضي وعكس هيبة الدولة في ملف العسكريين المخطوفين .
وفي حين يتحدث العديد من المتابعين لحوار المستقبل – حزب الله بقدر كبير من التبسيط واستباق المعطيات على أرض الواقع، وكأن ذلك بات سهلاً وقريباً في سياق بعض التفاهمات الجارية بين الجانبين غير أن مصادر مطلعة وعلى صلة بذلك الحوار تؤكد أن الحوار بين الجانبين لن يكون سهلا، وفيه الكثير من الصعوبات ،الا ان ذلك لا يمنع الاتفاق على قواسم مشتركة بين الطرفين يجعلان من مصلحة الابلاد في سلم اولوياتهما خاصة وان تهديد الأمن الوطني ليس مزاحاً، بل لابد من أخذه بجديه كاملة، خصوصا ان هنالك منظمات ارهابية- تمتد عبر الاقليم وتقيم تحالفات مشبوهة مثل «داعش» وغيره- لا تنوي الخيرللبنان ولبلدان المنطقة وهي مستمرة بأعمالها الإجرامية التي لا تفرق بين مذهب وآخر ،بالرغم من الضربات الموجعة التي تلقاها تنظيم “داعش” الإرهابي مؤخراً في كل من سوريا والعراق، وتراجعه في عشرات الجبهات وخطوط القتال التي أقامها لمحاربة خصومه، وجميعها مؤشرات توحي بقرب انكسار الهجمة “الداعشية” على المنطقة .
نحن بحاجة ماسة اليوم لمساعدة او معونة او موقف عاجل ندعم به جبهتنا الداخلية اقتصاديا و سياسيا او عسكريا،لكن نأمل أمام التعطش لاختصار الزمن والمعاناة الا يأتي ذلك على حساب الثوابت التي تتعلق بمنعة لبنان في مواجهة الاعداء وفي طليعتها “اسرائيل” والجماعات التكفيرية التي تشكل التهديد المباشر لامن اللبنانيين واستقرارهم ،وهنا تتجلى الحكمة والخبرة والحرص على منجزات حقيقية وليست فضائية.
واذا كان من المبكر الحديث عن نجاح الحوار بين وفدي حزب الله – المستقبل ، مع وجود أطراف إقليمية ودولية لا تزال ترغب في توظيف الارهاب في مشاريعها التدميرية للمنطقة ، لكن هناك من المؤشرات الكثيرة على انه سائر في هذا الطريق، ما يبعث بارقة أمل مع مطلع هذا العام الجديد .