تبذل روسيا الكثير من الجهد لإيقاف الحرب التدميرية التي أطلقها الإرهاب ومَن يدعمه في المنطقة وخاصة في سوريا، وبعد أربعة سنوات من تلك الحرب لم يستطع أصحاب المشروع التدميري والتكفيري من تحقيق أي إنجاز، سوى التدمير والخراب، وهذا هو الهدف الأساس لأصحاب الفكر الظلامي ومَن يدعمهم.
تهدف روسيا الى تحقيق إنجاز عنوانه وقف الحرب ومنع الآخرين من الاستثمار فيها وتحقيق الإستقرار في المنطقة، والبدء في حوار سوري – سوري، ومدخل لحل بقية مشاكل المنطقة، تلك الناجمة عن تداعيات الحرب التي تهدد بإنتقال لهيبها الى مساحات جديدة في الشرق الأوسط، وهي تهدف أيضاً الى منع الإرهاب من إشعال حروب أخرى جديدة في المنطقة والعالم يكون هدفها تصفية حسابات دولية وإقليمية.
البعض يتحدث عن حالة الإلتباس السائدة في منطقة الشرق الأوسط، وآخرون يرون الحقيقة واضحة، وكلّ يرى الأمور من بوابة مصالحه، الإدارة الأميركية أصبحت أكثر تردداً وارتباكاً بعد الإنتخابات النصفية وتزايدت مشكلاتها الداخلية على كافة الصعد، وفي الشأن الخارجي يبدو أن علاقة أميركا مع حلفائها في الشرق الأوسط يشوبها الكثير من الشك والخلافات وخاصة تلك التي تتعلق بالدور الأميركي في المنطقة، وفي ظل هذه الأجواء تحركت روسيا التي تبحث عن إنجاز، وهي بذلك تساهم في جهدها ضمن أصعب الظروف في ظل ما تتعرض له من مواجهة حرب أخرى على الجبهة الأوكرانية وأطرافها الأميركية والأوروبية، وموضوعها استهداف روسيا ودورها وحصارها اقتصادياً وجغرافياً وسياسياً ومحاولة إضعاف شأنها لصالح الدور الأميركي والغربي.
وبالتوازي مع التحرك الروسي، حضر المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وخطته القاضية بوقف إطلاق النار التدريجي وتحت عنوان “خطة تجميد” الأوضاع في حلب أولاً، كمدخل لرسم ملامح حل سياسي للأزمة السورية، وتلقى مساعيه دعماً من دول الإتحاد الأوروبي، حيث قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الإتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني أنه يصب في خانة المساعي الإنسانية وكرمز الى ما يمكن القيام به لوقف الحرب والمساهمة في شكل إيجابي لإيجاد حل للأزمة”.
وفي هذا المجال أيضاً قالت وزيرة خارجية السويد مارغو والستروم: “هناك تأييد كامل لخطة دي ميستورا وهي خطة واقعية”، وقال وزير الخارجية الدنماركية مارتن ليدغارد: “إن دي ميستورا يحقق تقدماً” ودعا روسيا الى دعم الخطة في مجلس الأمن وقال: “سنحض روسيا على الإشتراك بالكامل في عملية الهدنة في حلب”.
وفي أهمية التحرك الروسي وحل الأزمة السورية، فإن التطورات الميدانية والعملية على الأرض، فرضت ضرورة الإسراع في إيجاد حل.
الحرب باتت تهددها المنطقة بأسرها، وفي ظل إنكشاف تداعيات الحرب وبروز ظاهرة الإرهاب وأبعادها التي تقلق العالم بأسره، وبدا واضحاً أن دور “التحالف الدولي” لمحاربة الإرهاب لا يكفي لحل الأزمة بل يساهم في إطالة أمدها ويزيد من المخاطر التي تهدد المنطقة والعالم، إضافة الى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وهبوط أسعار النفط الى مستويات متدنية وهذا من شأنه أن يخلق أزمات جديدة وحروب مفتوحة في أكثر من مكان، والأخطر أن ما يراه البعض سلاحاً سياسياً للضغط على مواقف الدول من الأزمة السورية، ربما يكون المدخل الى دوامة جديدة من التطورات والكوارث، من هنا جاء التحرك الروسي بالتوازي مع خطة المبعوث الدولي دي ميستورا، وهي خطوة في الإتجاه الصحيح.