ما بين الإقليمي والدولي، تتقلّص المسافة في لعبة الأمم، وفي أوج إشتعال الميدان، تكون الأولوية محاربة الإرهاب.
فشل أعداء سوريا في تحقيق أي من أهدافهم خلال سنوات الحرب عليها، أرادوا إضعافها، فازدادت قوة وفرضت معادلتها في الميدان، بقي الصراع على أشده، أقترب موسم الحصاد وكل يجمع أوراقه في سعيه للحفاظ على مصالحه في الإقليم، دخلنا في لعبة الأدوار، وظلت سوريا شامخة أبية لم تغير بوصلتها، وهي تقول كلمتها وعلى طريقتها في الصمود والمقاومة يتحقق الإنتصار.
في الإجتماع الأخير في لندن الذي ضم 11 دولة وتحت مسمى “أصدقاء سوريا”، إتضح مدى الفجوة القائمة لدى أولئك، بدت واشنطن وأنقرة على جانبي الطاولة في تناقضهما وكل يبحث عن مصالحه بعد أن تداعت أحلامه وسقطت حساباته، وموقف القاهرة تميّز في رفضه مشروع تركيا إقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا، والإستياء من حماسة باريس للمشروع التركي، وحدّدت القاهرة موقفها بإختصار يقول: “وحدة سوريا ورفض التدخل الخارجي والحفاظ على الدولة وجيشها ومؤسساتها”، واللافت أيضاً كان الجدل يدور حول توجهات الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يرغب في إنجاز الصفقة النووية مع إيران، وهو الذي يخضع لإعتبارات داخلية ويوجّه بوصلته صوب آسيا، وفي رحلة الإنسحاب من الشرق الأوسط، سقطت جميع المشاريع الواهمة.
وفي المؤشرات، كل يدلي بدلوه في سعيه لتحصيل المصالح أو تقاطعها وصولاً الى الإتفاقات، وسوريا ومعها محور المقاومة من دفع الفاتورة كاملة، قدمت التضحيات وأثبتت أنها معادلة صعبة في اللعبة الإقليمية والدولية.
روسيا من جهتها تتحرك وبيقظة فائقة، تبحث عن مبادرة ما وهي تعي أن موسم التسويات قد إقترب، والتفكير الروسي في العودة الى صدارة المشهد الدولي مازال فاعلاً، وحضر بالتوازي مع المفاوضات النووية الإيرانية – الغربية، ولديها رؤية لمآل الأمور في الأشهر السبعة المقبلة، ومسيرة حل الأزمة السورية وفق الترجمة الروسية تبدأ من بيان جنيف، وهي تأمل في تجميع واستقبال أوسع شريحة من المعارضة السورية، وتجري إتصالاتها مع دول كبرى لتوفير الأرضية للوصول الى حل سياسي في غضون سنة، وروسيا ترغب في العودة الى مفاوضات جنيف، كبوابة للعودة الى الشراكة والتفاهمات مع الولايات المتحدة واستعادة اللعبة لتكون “روسية – أميركية”، وليس “أميركية – إقليمية”، وهي تعتقد بأن الفرصة سانحة لوضعها الملف على طاولة الرئيس الأميركي الحالي واللاحق.
وسوريا صاحبة الميدان ورأس الحربة في مواجهة المشاريع الإستعمارية وأدواتها في المنطقة لديها رؤية واضحة، من هنا جاءت زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو، وقال ما تراه سوريا مناسباً وقاطعاً: “صيغة بيان جنيف إنتهت ولا مجال للحديث عن “هيئة حكم إنتقالية”، ومعارضة الخارج لا تمون على أحد في الداخل وهي معارضة فنادق”.
وأكد الوزير وليد المعلم: “أن الجانب السوري يريد الحوار مع المعارضة الوطنية، وحوار سوري – سوري، وبعيدأً عن أي تدخل خارجي وهذا ما نصبو إليه، لكن العملية قد تحتاح الى مزيد من الوقت”، وهذا يعني، أن لسوريا رؤيتها، إزالة الأسباب الحقيقية للأزمة تبدأ بمحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، ومن هنا يبدأ مسار الحل.
إستقبلت سوريا المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وقالت إنها جاهزة لتقبل أفكاره والتعاطي معها في الميدان وبعد أن تتضح التفاصيل، وسوريا واثقة تماماً أن النصر آت لا محالة، والإنجازات الميدانية تحقق نتائج متسارعة، وهي واضحة في توجهاتها، تحارب الإرهاب والظلام والإنغلاق والفوضى وهي في مقدمة الصفوف، وهي تعي بأن الإرهاب يهدد الجميع، لذلك إستقبلت المبعوث الدولي وتسعى لتوحيد الجهود من خلال خارطة طريق وهي ليست وحدها – معها محور المقاومة الذي أثبت أنه قادر على تحقيق الإنجازات وصولاً الى الإنتصار النهائي.