إذا كانت الجهود الدولية التي تبذل لمحاربة الإرهاب تصب في اتجاه واحد، لأثمرت في خلال وقت قصير نسبياً في القضاء على هذه الآفة الخطيرة التي تهدّد البشرية جمعاء، لكن واقع الحال لا يسير في هذا المسار لأكثر من سبب.
بعض الدول مثل الولايات المتحدة ومَن يتبعها، استثمرت إعلامياً، بأنها تحارب الإرهاب ولكنها بنفس الوقت اتّخذته ذريعة لتعزيز تواجدها في بعض الأماكن الهامة بموقعها الاستراتيجي أو بثروتها النفطية أو لإعتبارات تتعلّق بالمصالح بشكل عام، ولا تخفي توقها للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني الذي ساهمت في وجوده واتّخذت من المجتمع الدولي المحكوم بشرعية أميركية سبيلاً لذلك.
وللأسف، إن التلاعب بمصير الشعوب ونهب ثرواتها وتدمير حضاراتها مازال متواصلاً، وأشكال النهب الاستعماري تعدّد في أشكاله ووجوهه المتبعة، وآخر صيحات التزييف والخداع التي طلت على المنطقة، ما سمي بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وهو استمرار ممنهج لسياسة ازدواجية المعايير التي تتبعها الولايات المتحدة وعلى المستوى الدولي.
والجديد هذه المرة، الرسالة التي بعث الرئيس الأميركي باراك أوباما الى مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، قال أوباما في رسالته: “لدينا مصالح مشتركة في محاربة “داعش”، غير أن هذه المصالح لا تتطابق تماماً مع المصالح المشتركة مع سائر أعضاء التحالف الذي شُكّل للغاية ذاتها، لا سيما الشركاء العرب الذين شكوا مراراً من وجود خطرين إرهابيين عليهم “داعش”، وإشارة أوباما لـ “إيران” حمّل مسؤوليتها الى أولئك “العرب” وهذا واضح أيضاَ.
والسؤال هنا: ما الذي يريده الرئيس أوباما من هذه الرسالة؟!
بالتأكيد، نقول دقّت لحظة الحقيقة وكشف المستور، ما فوق الطاولة وما تحتها، الرئيس أوباما وبعد هزيمة حزبه في الكونغرس أمام الجمهوريين، يسعى الى إتفاق مع إيران من خلال المفاوضات الجارية، وحان موسم التسويات في المنطقة، والجانب الأميركي لا يهمه إلا مصالح بلاده، سارع أوباما الى الصين وفتح معها صفحة من التعاون (من بحرها الى المناخ والتعاون في مكافحة الإرهاب) وهو سيطلب وساطة الصين للتدخل لدى سيد الكرملين فلاديمير بوتين لإيجاد تسوية ما في أوكرانيا أيضاً، وكذلك لإحياء “ملف جنيف السوري” والمهم والأساسي هنا، هو تقاطع المصالح بين أميركا وحلفائها الغربيين والروس وإيران.
نقول، لقد استطاعت إيران ومعها محور المقاومة من فرض أجندتها وبجدارة على الأرض من خلال ما تمّ إنجازه في مواجهة المشاريع الأميركية وأدواتها في المنطقة.
ويبدو أيضاً، أن درس أفغانستان والعراق حاضر في المخيلة الأميركية، وهذه المرة عن طريق الأدوات الجديدة “داعش” وأخواتها والتي ستثبت الأحداث بأن الأدوات هي ذاتها لن تتغيّر وحتى الممولين أنفسهم الذين ارتدّت عليهم سلبيات أعمالهم، لكن الدرس الذي تكرّر هذه المرة، دفعت المنطقة أثمانه المضاعفة من دمار وخراب وأرواح بريئة، واستُهدفت دول ومدن عامرة وتمّ تهديد حضارة ضاربة جذورها في عمق الأرض.
لقد ثبت أيضاً، أن “الحرب الدولية” على “داعش” هي مجرد سيناريو هوليودي مدروس بإحكام، هدفه السيطرة والهيمنة الأميركية والوصول الى شروط أفضل لتحقيق المصالح، وليس كما تصوّر بعض “العرب” وكأن الأميركي جاء ليحارب عنهم والحفاظ على ممالك وإمارات النفط والغاز.
كل الدلائل والمؤشرات تؤكّد بأن المفاوضات النووية الإيرانية سواء مع واشنطن أو مع شقها الثاني دول 5+1 ستصل الى نهايتها (تقاطع مصالح) ولو تأخرت قليلاً لضرورات إعداد الأرضية الجديدة، وسيقولون إنها ستؤثّر في أسعار النفط في العالم وفي الحرب على الإرهاب وعلى الاستقرار في المنطقة.
لدينا كل الثقة بما تفعله إيران، لأن موقفها ثابت وواضح واقترنت القول بالفعل وهي الوفية في خياراتها التي مورست وأنتجت وستنعكس إيجاباً على سوريا ولبنان والقضية الفلسطينية، أما للآخرون نقول، هل استوعبوا الدرس؟.