لبّى رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب، دعوة غرفة تجارة وصناعة حلب لندوة أقامتها في المركز الثقافي في المدينة بعنوان “سوريا والشرق الأوسط الجديد”، بحضور مفتي عام الجمهورية العربية السورية د. أحمد بدر الدين حسّون – الذي أولم غداءاً في منزله على شرف وهاب، ومشايخ ومطارنة، أعضاء مجلس الشعب السوري، أمين فرع حزب البعض العربي الإشتراكي في حلب، محافظ المدينة محمد أحمد منصورة، وفعاليات أمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، إضافة لحشد كبير من أبناء المدينة.
وبعد تقديم حول عنوان الندوة من الإعلامي أنس أزرق، قال وهاب: “لمَن استغرب مجيئي إلى سوريا في هذه الأحداث، أقول: أنا في حلب اليوم لأنني سوري وعراقي وفلسطيني بقدر ما أنا لبناني، فطالما أنّ العراق محتل أنا عراقي، وطالما أنّ فلسطين مغتصبة أنا فلسطيني، وطالما أنّ سوريا مهدّدة فأنا سوري. وإذا سألني أحد عن ديني أقول: أنا سنّي كأحمد ياسين وأحمد بدر الدين حسون، وشيعي كحسن نصرالله، ومسيحي كجورج جمّال، وعلوي كحافظ الأسد، وموحّد صوفي درزي كسلطان باشا الأطرش، إذ لا حدود لي في هذه الأمة، فحلب وبيروت ودمشق وعمان والقدس وبغداد والقاهرة مدُني. لا أؤمن بالحدود في هذه الأمة، ولا بـ”سايكس بيكو”، فكلنا أمّة واحدة، وأصحاب قضية واحدة، ومستهدفون في مؤامرة واحدة، لذلك أنا اليوم في حلب، وسأبقى بينكم في كل مدينة سوريّة، حتى تزول هذه الغيمة عن بلدكم وبلدنا جميعاً”.
وتابع وهاب حول الأحداث في سوريا: “ما يحصل اليوم ليس بجديد،. المؤامرة هي هي، ولكن الأوجه والطرق والأدوات تغيّرت، فمنذ دخول الجيش الأميركي إلى العراق، حاولوا التهويل على سوريا ليأخذوا منها شرعية شرعية تدمير بلدٍ عربي، ويومها لم يتأثر رئيس سوريا بشار الأسد بكل هذا التهويل، وبدل أن يخضع للإملاءات الأميركية التي وُضعت على طاولته، خرجت سوريا لتقول: لا لن نعطي الشرعية لإحتلال العراق، بل سنقاوم، وهذا فعلاُ ما حصل”.
وتوجّه للحاضرين: “لقد لعبتم دوراً كبيراً في حلب، إلى جانب المقاومة العراقية التي نوجّه لها ألف تحية كونها هي التي أطلقت الرصاصة الأولى على المشروع الأميركي في المنطقة، ولعبتم الدور الأكبر في دعم المقاومة العراقية، وكل هذا كان بقرار كبير اتخذه بشار الأسد وحيداً في هذه الأمة العربية. ولا ننسى أنّ مَن ينظّرون اليوم ويتحدّثون عن الديمقراطية، هم نفسهم الذين استسلموا للأميركيين، وكانوا يحاولون فعل أي شيء لإرضائهم، فاستدّوا سيوفهم لذبح العراقيين، إلا الرئيس الأسد الذي بقي وحيداً في هذه الأمة، وعندما جاء كولن باول بشروطه، قال له: اذهبوا أنتم وشروطكم إلى الجحيم فقد قررتُ المواجهة. يومها، لم يكن وحيداً، بل كان كل الشعب السوري متفهّماً لدور سوريا، ووقف إلى جانب رئيسه ودولته، وكنتم أنتم مَن قبِل التحدّي وكانت سوريا هي العقبة التي أسقطت كل النتائج السياسية لإحتلال العراق”.
أضاف: “حتى لو احتل العراق ودُمِّر جزءاً كبيراً منه، ولكن بقيت سوريا في ظل هذه الحرائق المتنقلة في كل المنطقة، صامدة ومتماسكة، لذلك لم يكن لدينا خوف على هذه الأمة. كنا نقول إذا بقي القلب سليماً فالمسألة بسيطة، إذ يمكن تحرير العراق، وإيجاد تركيبة سياسية لائقة به مع انسحاب الأميركيين منه، وكنا نقول إذا بقي القلب سليماً فالمقاومة في لبنان وفلسطين ستبقى سليمة، وهنا أقول لمَن يعيّروننا بأنّ المقاومة شيعية في لبنان: أنا شيعي في لبنان لأن المقاومة شيعية، ولكنني سنّي في فلسطين والعراق لأن المقاومة سنية، وهذا ما فعتله سوريا بدعمها للمقاومات الشيعية والسنية. وحين وافقت كل الدول الكبرى التي تملك حق الفيتو في مجلس الأمن على الإحتلال الأميركي للعراق، بقي بشار الأسد وحيداً كالرمح شامخاً في هذه الأمة، وعندما رفضت سوريا الإستسلام لمحاولات دخول القوات الأميركية إلى حدودها، بدأت مؤامرة من نوع آخر من خلال الذهاب إلى الساحة اللبنانية، ظناً منهم أنهم بضرب سوريا في لبنان، يضربونها في قلب دمشق”.
وتابع وهاب: ثم كانت المؤامرة الكبرى عبر اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الذي اغتيل لأنّ سوريا يومها لم تقبل بالقيام المهمة التي أوكلها إليها القرار 1559، والذي يهدف للقضاء على المقاومة وتحقيق الأهداف الإسرائيلية. لقد انسحب الرئيس الأسد من الساحة اللبنانية، لكنه لم يترك المعركة بل ذهب إلى المعركة الكبرى واعتبر أنّ الحرب مع أي طرف في لبنان هي حرب من “أذناب” المشروع الأميركي، وبدأ بدعم المقاومات العراقية واللبنانية والفلسطينية لمواجهة الأهداف الأميركية، حتى كان الدعم الأكبر في حرب تموز التي وضعت حدّاً للشرق الأوسط الجديد.
أضف: بعدها، أخذ المتضررون من هذا السقوط، التفكير في الطريقة الأمثل لإنعاش المشروع الأميركي في المنطقة، إلا أن الموقف السوري كان الموقف العربي الوحيد الداعم لاحقاً للمقاومة الفلسطينية في غزة”.
وتوجّه وهاب للحاضرين: “أرادوا ضرب المحور العربي من منتصفه أي سوريا، معتبرين أنهم سيسقطون كل المشروع المقاوم، وتصغير الكيانات العربية لتحقيق الأهداف الإسرائيلية. إيّاكم أن تخسروا هذا البلد وتدخلوا في المغامرات غير المحسوبة لتخريب بلدكم. إنني مؤمن بأنّ لا خوف على سوريا، وبأنكم قادرون على تجاوز هذه المحنة، وبأن الجيش العربي السوري الذي دفع آلاف الشهداء لحماية سوريا، ومنع تقسيم لبنان، حتماً لن يسمح أن يمسّ أحد سوريا بسوء، ومع ذلك، لا ننكر أنه يجب العمل على الإصلاح ووقف الفساد، وبأنّ على معركة الاصلاح أن تكون معركة حقيقية”.
وقال: سوريا اليوم ستقرر مصير مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أطلقه جورج بوش بغباء ويكمله اليوم بذكاء باراك اوباما، وإذا كان هناك خطة اصلاح حقيقية، ستصل سوريا حتماً إلى المكان الذي تجد فيه تطويراً كبيراً في أنظمتها، لكن عليكم البقاء إلى جانب الرئيس الأسد، فسوريا أمانة في أعناقكم”.
وختم وهاب: “إنّ ضمانة الأمّة هو أن نبقى شعباً واحداً، فعندما نتحوّل إلى مذاهب تصبح “إسرائيل” هي الآمرة الناهية، وعندما نصبح أمّة تصبح “إسرائيل” الأضعف بيننا. لذلك، فلنحمِ سوريا معاً، لأنّ حمايتها هي حماية للبنان وفلسطين وأملٌ باستعادة القدس وتحرير العراق، وإذا سقطت سوريا، فأبشروا سنبقى عبيداً لمشروع الشرق الأوسط الجديد”.
وبعد كلمتين لمطران حلب للسريان الأورثوذكس في حلب يوحنا إبراهيم، ولمفتي عام الجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسّون، قلّد الأخير وهاب عباءة من تراث حلب، كما قدّم رئيس غرفة تجارة وصناعة حلب الدكتور حسن زيدو درعين تقديريين لوهاب بإسم تجار حلب ولوحات عن المدينة.
ولبّى وهاب دعوتَي عشاء من الدكتور حسن زيدو وتجار حلب، ومن عضو مجلس الشعب السوري أنس الشامي.
**