استقبل رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب معاون وزير الخارجية الإيرانية محمد رضا شيباني، يرافقه سعادة سفير الجمهورية الإسلامية في لبنان غضنفر ركن أبادي، ورئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية السيّد فردوسي بور، وعدد من الوفد المرافق لـ”شيباني”، بحضور مستشار وهاب الأستاذ ياسر الصفدي.
وبعد اللقاء، صرّح شيباني قائلاً: “كانت فرصة طيبة وثمينة أتيحت لنا لزيارة معالي الوزير وهاب، بحيث كان لنا جولة أفق حول مختلف التطورات السياسية الجارية على المستوى الإقليمي، حيث استأنسنا بسماع رأيه السديد تجاه كل هذه التطورات والمُجريات. وبطبيعة الحال فإنّ معاليه من الشخصيات السياسية الوطنية الوازنة، الموجودة في محور المقاومة والممانعة، وله أيادي بيضاء وإسهامات إيجابية وبنّاءة جداً في مجال تحدّي وكسر شوكة المؤامرات الأميركية والصهيونية التي تشنّ ضد دول المنطقة وشعوبها”.
أضاف: “لقد كانت وجهات النظر متفقة حول أنّ التطورات التي شهدناها على مستوى الشارع العربي في هذه المنطقة، خاصة التحرّكات الشعبية في تونس أولاً ومصر ثانياً، وما نتج عنها يُعتبر فرصة مؤاتية جداً تُضاف إلى رصيد محور المقاومة والممانعة في المنطقة، كما تتيح لشعوب هذه المنطقة أن يكون لها كلمة الفصل والقرار في مستقبلها ومصيرها المشرق. كما اتفقنا على أنّ الغرب والولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني ما زالوا يكيدون المكائد ويدبّرون المؤامرات في الخفاء ضد دول وشعوب محور المقاومة والممانعة في هذه المنطقة، وهذا الأمر يتطلب أكثر من أي وقت مضى، وحدة الصف والكلمة بين كل الدول والشعوب الأبية والشريفة التي تنتمي لهذا المحور من أجل كسر شوكة هذه المؤامرات الغربية الأميركية الصهيونية المشتركة”.
وختم شيباني: ” شرحنا لمعاليه بإسهاب وبشكل مفصّل المواقف الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه كل التطورات والمستجدّات السياسية المتعلقة بالساحة اللبنانية، فأكدنا على الموقف الإيراني الدائم في مجال دعم الوحدة الوطنية بين كافة أبناء الشعب اللبناني العزيز، وعبّرنا أيضاً عن وجهة النظر الإيرانية الداعية إلى الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة”.
وحول سؤال عن قراءته لخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أجاب شيباني: “هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الولايات المتحدة الأميركية كتابة وصْفات للقضية الفلسطينية، وهذا الأمر مفاده أنها لا تدرك حقيقة أوضاع المنطقة ولا حقيقة الوضع الفلسطيني بالتحديد. فلو تستطيع الولايات المتحدة الأميركية بالفعل التأثير في هذا المسار، لكانت قادرة على الضغط على الكيان الصهيوني ومنعه من بناء المستوطنات الإسرائيلية اليهودية الجديدة. فعندما تعجز الولايات المتحدة الأميركية، عن الحيلولة دون بناء أربع مستوطنات إسرائيلية، يدل ذلك على العجز والضعف الكامل الذي يعتري هذه السياسة الأميركية. أما الصراخ والعويل فلا يجدي نفعاً، الأمر الوحيد المجدي هو إرادة الشعوب الأبية والحرّة والمستقلة الموجودة في هذه المنطقة وهي أيضاً إرادة الحكومات والأنظمة التي تستمدّ شرعيتها من الإرادة الشعبية. عندما تبادر أميركا إلى استصدار القرارات الدولية بحق هذه الدولة أو تلك، فذلك يدل على الضعف الأميركي. هم يعرفون أكثر من غيرهم أنّ هذه الدول المقاوِمة والصامدة والممانعة قد استطاعت من خلال هذه القرارات والعقوبات الدولية، أن تصل إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي وأن تحقق النمو والتطور في كافة المجالات. والجمهورية الإسلامية الإيرانية ربما لو لم تكن قد تعرّضت لمثل هذه العقوبات الأميركية والغربية، لكانت حتى الآن بقيت مُرتهنة للإرادة الغربية، ولكن بفضل هذه العقوبات وجدت نفسها مضطرة للإعتماد على قواها الذاتية، وبناء نفسها بنفسها، وبناء إرادتها الوطنية الحرّة المستقلة”.
وفي إجابة أخرى حول سؤال عن رأيه بأحداث سوريا، والموقف التركي في هذا الإطار، قال شيباني: “بإمكاننا مقاربة ما يجري في سوريا، من بعدين: البعد الأول يتعلق بالإحتياجات الموجودة لدى الشعب السوري، علماً أنّ القيادة السورية تعترف بهذه المتطلبات، وهي عبارة عن الإصلاحات والتعديلات والمطالب الحياتية التي يجد الشعب السوري أنه بحاجة إليها. إلا أنّ طريقة تعاطي القيادة السورية مع هذه المتطلبات الشعبية أظهرت مستوىً راقياً من الوعي والحكمة والإدراك لحقيقة هذه المتطلبات وتجاوباً كبيراً لإجراء الإصلاحات اللازمة. أما البعد الآخر، فيتمثل بالمؤامرات البغيضة التي تتعرض لها شعوب المنطقة ودولها، وخاصة الشعوب والدول التي تقع في محور المقاومة والممانعة، من قِبَل الغرب.
وبطبيعة الحال فسوريا تميزت بمواقفها الصلبة والمتماسكة طوال الفترة الماضية، في مجال دعم ومؤازرة وحماية المقاومة تجاه المؤامرات الغربية والصهيونية، ومن الطبيعي أن الغرب والكيان الصهيوني لن يترك الدول الداعمة للمقاومة والعاملة على كسر شوكة المؤامرات الأميركية والغربية الصهيونية مرتاحة البال. ونحن على ثقة تامة أنه بفضل الوعي والدراية والحكمة لدى القيادة السورية، وتجاوب الشعب السوري مع قيادته وحكومته، والتواصل المباشر والحوار الهادىء والبنّاء والتعاون الإيجابي ما بين القيادة والقاعدة الشعبية، سوف تتحقق كل المطالب والإصلاحات والتعديلات التي ينشدها الشعب السوري، وبالتالي فإن سوريا ستتمكن من كسر شوكة المؤامرة الغربية الصهيونية التي تستهدفها وتستهدف كل دول الممانعة والمقاوِمة في المنطقة. أما فيما يتعلق بالدور التركي، فأعتقد أنّ تركيا تستطيع القيام بدور أكثر إيجابية”.
ثم تحدّث وهاب، فقال: “ربطتنا بمعالي الوزير علاقة طويلة خاصة وأنه كان نصيراً قوياً للمقاومة في لبنان في أصعب الأوقات، وطبعاً هو مستمر في هذا الدور من خلال موقعه داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية. بحثنا عدد من الأمور، ونحن متفقون على ضرورة تشكيل الحكومة اللبنانية بأسرع وقت. طبعاً سمعنا بالأمس بيان السفارة الأميركية الذي يقول بأنّ الموقف الأميركي يتحدد من الحكومة الجديدة، بناءاً على موقف بيانها الوزاري في موضوعَي المقاومة والمحكمة الدولية. أقول لموظفي السفارة الأميركية في بيروت: ستتشكل الحكومة ولكنها لن تتعاون مع المحكمة الدولية إذا كانت تستهدف فريقاً لبنانياً أساسياً هو المقاومة، وستكون داعمة لها لأنّ لا وجود للبنان بدون المقاومة. هذا الجواب رداً عليهم بإسم كل الفريق الذي نمثله وحتى قبل تشكيل الحكومة”.
وأضاف وهاب: “تحدّثنا أيضاً حول التحركات الشعبية التي تحصل في الوطن العربي، وهي حركات تصبّ في خدمة المقاومة، ومحور الممانعة، وطبعاً إطمأنّينا بوجود معاليه إلى القوة التي تشكلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة، والتوازن الذي تحدثه مع الآحادية الأميركية التي تعربد في كل مكان، وعندما تصل إلى هذه المنطقة، طبعاً سيكون أمامها عقبة كبيرة هي هذا المحور الممانع، واليوم سوريا مستهدفة بسبب هذه العقبة التي تشكلها أمام الهجمة الأميركية، ولكن طبعاً على الجميع أن يعلم أنّ العدوانية الأميركية وبعض العدوانية الغربية تجاه سوريا، لن تؤثر في موقف وخيارات الأخيرة، ويجب أن يعلموا بأنّ أي تدخل عدواني تجاه سوريا أكان من الأقربين أم من الأبعدين، سيكون يوم القيامة في المنطقة، عليهم أن يعلموا بأنّ حماية سوريا هي مسؤولية كل محور المقاومة والممانعة ولن يتأخر أحد في منع أي تدخّل أجنبي غادر بحقها، بالرغم مما قاله معالي الوزير بأنّ سوريا بحاجة لإصلاح، وهذا كان رأي الرئيس الأسد منذ البداية وهي بحاجة لكثير من التطوير، ولكن التغيير شيء والتخريب شيئاً آخر، ولن يقف أحد منا متفرّجاً على عملية التخريب التي تحصل الآن في سوريا”.
@