لبّى رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب دعوة هيئة الضبيّة في التيار الوطني الحرّ إلى أوتيل “Residence de France”، بحيث التقى كوادر هيئة الضبية – عوكر – الذوق، وهئية قضاء المتن، بحضور الأب جوزيف أبو ناضر، وعدد من الإعلاميين.
وقد قال وهاب محاضراً: “لطالما كان لدي هاجس إسمه “جبل لبنان”، لأنني لم أعتبر يوماً أنّ لبنان قد يكون بخير إذا لم يكن جبله كذلك، فالجبل لم يُضرب خلال الحرب الأهلية في 1975، بل إنّ الضربة الحقيقية له كانت بعد ما سُمِّي بـ”حرب الجبل”. لقد دفعنا ثمناً كبيراً بخطة إسرائيلية معينة كانت تهدف لتسقيم لبنان، وكل فريق منا اعتبر أنه يمكنه الربح والانتصار لطائفته، لكن خرجنا في النهاية خاسرين جميعأً، فقد تهجّر المسيحي من الجبل وبقي الدرزي فيه، لكنه بقي أيضاً مهجّراً داخل أرضه، لأنه فقد الشريك الذي تعايش معه طيلة مئات السنوات. وعندما ضُرب الجبل أصبح لدينا خوفاً حقيقياً على لبنان، وذهبت الأمور للأسوء، بحيث حاول كل فريق إقامة إدارته ودويلته الذاتية”.
أضاف وهاب: “كنا دائماً نحارب بعضنا بعضاً، من أجل أشخاص لم يقاتلوا بعضهم يوماً، ونحن اليوم أمام تحديات كبيرة هي تحدّيات عودة الجبل كما كان، وهو تحدي درزي كما هو مسيحي على حد سواء، إذ هناك جزء كبير من المسيحيين الذي تهجّروا من الجبل، وسكنوا في منطقة ذات حركة اقتصادية جيدة، فأصبحت لديهم أعمالهم الخاصة، أما الدروز الذين بقوا في الجبل فقد حملوا آثار التهجير وهم لا يزالون في أرضهم، وبالتالي الفريقين دفعا ثمن التهجير. التحدي الأسياسي اليوم، هو كيف يمكن استعادة الجبل، وبالتحديد جبل لبنان الجنوبي؟ هذا هاجس كبير، تحدثت فيه مع الكثير من القيادات المسيحية، التي يمكن أن تلعب دوراً في هذا الموضوع. وطبعاً هناك شخص أساسي يتحمّل عبء هذا الأمر هو العماد عون لأنه يحاول دائماً حصر الخلافات ضمن حدود معينة كي لا ينعكس هذا الأمر على موضوع التعايش في الجبل”، مؤكداً أنه “لطالما تحدثنا عن استثمارات مسيحية يجب أن تحصل في الجبل، مما قد يعيد جزءاً كبيراً من المسيحين إلى الجبل للنهوض به. لكن، ولأسباب تواجد الثقل الاقتصادي في بيروت لا يعود المسيحي اليوم إلى الجبل، ولنفس الاسباب يهاجر الدرزي منه”.
وأكد وهاب تفاؤله بالبطريرك الراعي، و”ديناميكيته وطرحه للأمور بطريقة صريحة، خاصة لجهة طرحة لضرورة تعديل الطائف، فكلنا نعيش في كذبة كبيرة، ونعلم بأنّ الطائف مشكلة، وكأنه يخصّ طائفة معينة، وكما قال سماحة السيد نصرالله: “لقد أصبح هذا الطائف دستوراً لكل اللبنانيين”. هذا الدستور خُلق لخدمتنا، وليس لنكون عبيداً عنده، لذلك إذا كان بحاجة لتعديل فلنقم بذلك، ونبحث بهذا الملف. فقبل ست سنوات، كان هناك إدارة سورية للملف اللبناني، وبعد خروجها، لم نعرف كيف ندير دولتنا، لذلك يلزمنا اليوم تطوير الدستور، فقد كانت المشكلة سابقاً تتم على الحكومة، من ثم على الوزير، فأصبحت على المدير العام، ولا أحد يعلم ما قد يحصل، فقد يتم الخلاف لاحقاً على الحاجب في الوزارة. لا نريد استهداف امتيازات اي طائفة، ولكن لنفكر لمرة واحدة كلبنانيين، وليس كدروز ومسيحيين وسنّة وشيعة”.
أما بموضوع الاتصالات، فقال وهاب: “عبد المنعم يوسف، لم يترك موبقة منذ خمس سنوات لم يقم بها. ولا يوجد وزير يمكنه محاسبته أو تحويله إلى القضاء. فحتماً السنّة ليسوا مستفيدين من ارتكابات عبد المنعم يوسف. فهل وصلت بنا الأمور إلى أن يكون موظف ما، أقوى من الدولة؟”
وأضاف: “اعتبرنا سابقاً أن عهد رئاسة الجمهورية قد انتهى، لأننا اعتبرنا أنه كان هناك دوراً أكبر يمكن لرئيس الجمهورية أن يقوم به. الآن فخامة الرئيس، ممتاز، بعد أخذه موقفاً جدّياً، ولكن هل تصوّر أحد أن يكون هناك مدير عام في الدولة يتمرّد على رغبة رئيس الجمهورية، ولا ينفّذ أوامره بالخروج من وزارة الاتصالات؟ من هنا. طرحت حكومة الوحدة الوطنية، بسبب العجز الذي نمارسه اليوم كفريق أكثرية، ونقول أننا غير قادرين على تشكيل الحكومة. لا يمكن طرح أنفسنا كأكثرية للحكم بدون ان يكون معنا لا قضاء ولا أمن ولا إدارة. يجب ممارسة جرأتنا لتنفيذ إصلاحنا الأمني والقضائي، لأن حجم الفاسدين كثر فيهما. ولكن كيف نحكم كأكثرية، بدون أن نمسك بالمالية والإدارة والأمن والقضاء. فماذا نحكم؟ وأكثرية ماذا هي؟ أعتبر أننا ذاهبون إلى زلزال على مستوى المنطقة وأعتقد أنه في وقت قريب، ولكن أرى في الأفق تطوراً كبيراً على مستوى المنطقة، ومواجهته تتم عبر شبكة أمان لبنانية لحماية لبنان، خاصة وأنه الخاصرة الأضعف التي تدفع ثمناً كبيراً”.
وتابع وهاب: “أصبح لدينا شكوكاً كبيرة بأنّ البعض ممّن يملكون القدرة على التوقيع على هذه الحكومة، لديهم وعود معينة لعدم التشكيل. وأعتقد بأنهم يعتبرون العماد عون عقبة بوجه التشكيل، لكنه يمثل الأكثرية المسيحية، وحُرم من رئاسة الجمهورية لأنه لم يكن مطلوباً أن يكون هناك رئيساً قوياً في لبنان، علماً أن الرئيس سليمان امتلك عدة مواقف جيدة في الفترة الماضية ويجب تشجيعه عليها. لكنهم اليوم، لا زالوا يضعون عقبات بوجه العماد عون، ولستُ مقتنعاً بأنّ البعض لديهم الجرأة للتوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة، إذ أعتقد أنّ هناك ضغوط خارجية غير منظورة تنبّه البعض بعدم التوقيع، واستنزاف الفرص لوقت أطول. لذلك يجب أن نتحلّى كأكثرية جديدة، بالجرأة للضغط على كل الذين يعرقلون تشكيل الحكومة، إنطلاقأً من أنها تقوم على كتل أساسية لها الحق في أخذ الحصص الأساسية، خاصة وأن هناك تطورات سلبية تحصل على الصعيدين المعيشي والمالي، مع موسم سياحي غير مشجّع أبداً، وبالتالي فنحن ذاهبون إلى مشكلة حقيقية هي مشاكل خدمة الدين، ولكن لا شك أنّ وزيرة المالية تمارس الضغط النفسي لجهة توقيف الرواتب، وهذا ما لم يحصل يوماً حتى خلال الحرب الأهلية. المشاكل اليومية للمواطنين، تستدعي تشكيل الحكومة سريعاً، لتكون على مستوى المسؤولية، لكنني ضد أي انتقام من موظف ما بسبب انتمائه السياسي أو الديني، بل هناك عشرات الأمنيين والقضاة التي يجب محاسبتهم، كي يصبح لدينا قضاءاً عادلاً لتبدأ عملية دفع الناس للشعور بوجود دولة حقيقية، وإلا فلا مبرر لنا لإستلام السلطة.
أما حول الأحداث في سوريا، فقال وهاب: “النظام في سوريا قوي، وهو قادر على الإمساك باللعبة، ولديه أوراق كثيرة مهمة يمكن استعمالها في وقت معين، ومن الممكن للضغط الدولي أن يؤدي إلى مشكلة اقتصادية معينة لكن النظام قادر على تجاوزها، وأعتقد أنّ النظام قادر على تجاوز المشكلة ككل، ولكن ليس مع المعارضة السورية الموجودة في الخارج لأنها مُبرمَجة ولن تقبل بأي تسوية”، مؤكداً أنه ليس مع الأنظمة الدينية “والتي تمارس الظلم على الآخر لأسباب دينية واجتماعية. لا أعلم بأي نموذج يخيّرون السوريين للتهدئة، هل هو النظام السعودي، حيث المرأة مقموعة؟ أو بالنظام المصري الذي يخرج فيه بعض السلفيين للقول بأنّ النبي محمد (ص) علماني؟ كيف يمكن إذاً العيش تحت رحمة تفكير كهذا والقبول بأنظمة أصولية تكفيرية؟ من هنا أعتقد أنّ وقفتنا اليوم هي إلى جانب سوريا، لأنها ضمانة أساسية للأمن على مستوى المنطقة ككل، وخاصة للأقليات فيها”.
وردّ وهاب على أسئلة الحضور، فقال: “إنّ باطن الثورات العربية فوضوي، ولم نعرف إلى أن سيصل؟ وهذا ما رأيناه من فوضى بعد ثورتَي تونس ومصر، خاصة مرحلة الفوضى الطويلة في مصر، وإذا نجحوا في سوريا، أعتقد أننا ذاهبين إلى مرحلة خطيرة على مستوى المنطقة وحتماً ستشمل لبنان، مع مشروع دويلات تمتد من العراق إلى فلسطين. فإذا تمكنت سوريا من الصمود، أعتقد أنّ المشروع ككل سيتغير، وإذا لم تتمكن من الصمود فنحن ذاهبون إلى تطورات خطيرة جداً، ولبنان ضحية اساسية في ذلك”.
وختم وهاب حول الحكومة الجديدة: “كما قلنا سابقاً، بأنّ الحكومة لن تتشكل قبل شهر تشرين، إلا إذا استجدّ شيء جديد في اليومين المقبلين”.
بعد اللقاء، زار وهاب رئيس رعية الضبيّة الاب جوزيف أبو عون.
00