انه زمن الجمهورية الاسلامية الايرانية دون منافس ،ففي حين يعيش ما يسىمى بالنظام العالمي الجديد على تقلبات جمر الحروب والتبدلات على مستوى الانظمة تخطو ايران على الساحة الدولية بخطوات ثابتة مما يجعلها قبلة العالم لسنوات طويلة من الزمن .
تطورات ثلاثة هامة تحدث في توقيت متزامن ، ،فمن لقاء الوفد الايراني نظيره الاميركي في جنيف، الى قمة روحاني – اردوغان في انقرة، وصولا الى المشاركة الايرانية في حفل تنصيب المشير عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر تكون طهران قد تمكنت من تحطيم اطواق العزلة والعقوبات الامر الذي سيكون له تداعيات كبيرة على مشاكل المنطقة الممتدة من ليبيا الى لبنان مرورا بالبحرين واليمن والعراق وسوريا.
لم يعد الجانبان الاميركي – الايراني بحاجة الى الوسطاء ،ولا لابقاء اجتماعاتهما ولقاءاتهما بعيدا عن اضواء الصحافة والدوائر الدبلوماسية ،فيما تنتظر معظم الدول المعنية فرص نجاح المفاوضات الثنائية بين واشنطن وطهران في جنيف تتقدم، وصولا الى مسودة الاتفاق النهائي، الذي يبدو مطلوباً، بل ومطلوباً جداً لدى الكثيرين من الاطراف الدولية والاقليمية ، لتمهيد الطريق لمفاوضات لاحقة، تخرج عن الملف النوويإ الايراني الى مختلف ملفات المنطقة وأزماتها …
هنا بالتأكيد لن تتمكن واشنطن بفرض شروطها في ظل الصعود الدولي لروسيا والصين ودول “البريكس” ،اللاعبين الجدد على المسرح الدولي ،في مواجهة الاحادية الاميركية التي نجحت لسنوات طويلة في الاستئثار بعقد الصفقات وترتيب التسويات، وسجلُّ السياسة الخارجية الأمريكية، حافل بمثل هذه “الهرطقات”التي غالبا ما تأتي على حساب مصلحة شعوب العالم.
في هذا المناخ الدولي تأتي الزيارة التاريخية للرئيس روحاني الى انقرة للبحث في عدة ملفات اهمها ملف العلاقات الثنائية بين البلدين والمثقلة بعدد من القضايا الشائكة والحسابات المختلفة ،وفي طليعتها الازمة السورية التي كانت وراء التباعد بين الجارتين الكبيرتين .الفارق الوحيد في هذه القمة ان روحاني يأتي متسلحا بالنجاحات في اختراق اسلاك العزلة والحصار الاميركي والغربي ،وبحلفاء اقليميين اخفقت جميع محاولات “الارهاب” الدولي من ابعادهم عن السلطة ،من الرئيس نوري المالكي الفائز الاول في الانتخابات التشريعية في العراق ، الى الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي كرسه الشعب المصري رئيسا لبلاد الكنانة وصولا الى الرئيس بشار الاسد الذي حاز على نسبة اصوات مرتفعة في الانتخابات الرئاسية في سوريا ، اما على المقلب الآخر ، فيبدو ان الفشل يعتمر جبين اردوغان الذي مني بهزيمة تلو الهزيمة على اكثر من ساحة وفي اكثر من ملف إقليمي،دون ان ننسى الازمات الداخلية التي تكاد تطيح بزعامته ، وعلاقاته الملتبسة مع واشنطن والغرب بعد الشكوك الاميركية من أداء تركيا حيال جماعة “الاخوان المسلمين” والجماعات الإرهابية، فضلا عن الاتحاد الأوروبي الذ لا يكف عن توجيه الانتقادات لأنقرة التي اصبحت بعيدة كل البعد عن “معايير كوبنهاجن” .
وفي هذا المجال يعوّل المراقبون على نجاح الزيارة في تحقيق اندفاعة في ملف العلاقات الايرانية – التركية الشائكة والمتعددة المجالات، وهي وإن كانت ستخفق في تجسير فجوة المواقف بين الجانبين حول سوريا، إلا أنها ستفضي في تخفيف الاندفاعة “الاردوغانية” في العداء لسوريا.