لا مجال للشك في أن الشعب السوري حقق الفوز في الانتخابات الرئاسية السورية؛ ولكن ليس هذا ما كان موضع القلق والتحدي، بل إن ما انتظره اعداء سوريا ، هو ترقّب نتيجة أخرى، لم تكن مؤكدة عندهم ، وإنما شاهدوا معالمها في اليوم الانتخابي الطويل أمس، حتى قبل إغلاق الصناديق وفرز الأصوات، وتتمثل في الرهان على فوز سوريا أو فشلها في إنجاز انتخابات رئاسية وطنية بنسبة مشاركة مرتفعة جدا.
أمس، نجح السوريون بإجراء انتخابات رئاسية أرادوا من خلالها التأكيد على وحدة بلادهم الادارية الجغرافية ، وأظهار مدى تمسكهم بمركزية الدولة ومرجعيتها فوق كل المصالح الضيقة والعصبيات الفتنوية ؛ حين اقترعوا لخياراتهم الاستراتيجية في السيادة والعلمانية والتنمية والمقاومة والانتماء للحلف الاقليمي والدولي الصاعد في مواجهة الاحادية الاميركية .
بالأمس، حسم الرئيس بشار الاسد ، الحربَ، سياسياً، مؤكدا على حضوره باعتباره القوة الرئيسية في البلاد؛ فهو تمكن، أولاً، ومن خلال مؤسسات الدولة ،من تنظيم انتخابات رئاسية ذات مهنية من حيث الترتيبات اللوجستية وحجم المشاركة وتنوّع المشاركين والنزاهة في الشطر الأعظم من المحافظات واستطاع، ثانياً، تظهير أغلبية شعبية وسياسية تدعم شرعيّة الحكم، بصورة لا لبس فيها ، اعتباراً من لحظة الاعلان عن اقفال الصناديق؛ ، ثالثاً، حجم الحاضنة العسكرية والأمنية للدولة على القسم الاكبر من الاراضي السورية. وهذه الحاضنة هي، في نهاية المطاف ، تعبير عن قوة النظام في مقابل انهيار سياسي وعسكري شامل لمحور “المعارضات” والجماعات التكفيرية المسلحة والتحالف الاقليمي والدولي الذي يستخدم ضد ارادة الشعب السوري .
لقد وجّه السوريون صفعة كبيرة لكل المتآمرين على وحدة بلادهم وامنها واستقرارها ،فلا اوباما ولا أحد سواه من التابعين والرتزقة استطاع أن يقدم اعتراضاً واحداً يحظى بالاعتبار، على الانتخابات الرئاسية السورية التي تميزت بجملة من الحقائق والوقائع التي لا يمكن لأحد التنكر لها من حيث تغطيتها كامل المدن والمناطق السورية التي تحررت من براثن التكفيريين ،وتدافع الناخبين السوريين بمئات الآلاف للمشاركة في عرس الديمقراطية غير آبهين بأصوات المدافع والتفجيرات التي تحاول ترهيبهم ودفعهم لمقاطعة الانتخابات،فضلا عن ظهور النظام بأحلى صوره وتأكيده على شرعيته وعلى حضوره السياسي الوطني بالرغم من الهجمة الشرسة عليه من اعتى قوة في العالم .
بعد نجاح الاستفتاء الشعبي على الرئيس بشار الاسد لم يعد ممكناً التشكيك في شرعية قيادته للحركة الوطنية السورية التي تتجسد في مجتمع يواجه اليوم مهام كبيرة من بينها اجتثاث الجماعات المتطرفة المسلحة ؛ واستكمال ملف المصالحات المحلية، وتظهير خطاب الانفتاح والتسامح ، والأخذ في الاعتبار المطالب السياسية المشروعة، وتقنينها في سياق التعددية والديموقراطية الاجتماعية؛ فضلا عن الشروع في عملية تحسين الظروف المعيشية والإنسانية لأغلبية السوريين التي دمرت بيوتهم وسلبت ارزاقهم ، وخلق الأجواء المناسبة لاستعادة النازحين السوريين المنتشرين في اصقاع العالم .