هذه ليست توقعات أو ضرب في المندل ، بل محاولة لاستكشاف عما يمكن أن يتحقق في الايام القادمة من ممكنات كثير منها تعرض للتلف وربما للإجهاض المبكر .
فالغد القريب سواء كان منظوراً أو متخيلاً ليس زمناً منقطعاً عن الحاضر، ولأن المثل القائل إن المياه تجري ببطء ينطبق إلى حد كبير على بلد مثل لبنان بمجمل مكوناته ورواسب تاريخه الحديث ، فإن إيقاع التغيير لن يكون بالسرعة التي يتوقعها البعض ويتضح ذلك من خلال بعدين على الأقل أولهما داخلي ويتعلق بطبيعة النظام السياسي الذي يعاني خللاً بنيوياً وهو بحاجة إلى اصلاح وترميم في بعض جوانبه المهترئة ، والآخر إقليمي، له صلة بواقع الحال في سوريا وذلك لضرورات تاريخية وجيوسياسية .
وحين نسمع احد مرشحي الرئاسة يتردد في الإجابة عن بعض الأسئلة المرتبطة بكيقية توصيف علاقة لبنان بالجار السوري ،او رأيه بالمقاومة التي اعطت العرب والمسلمين الكثير ، فذلك بحد ذاته أمر غير مشجع ، رغم الإغراء الذي تقدمه الحملات الانتخابية لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يأخذ عليه البعض التسرع في الإجابات والإفراط في الوعود.
إن الفهم الوجودي لا السياسي وحده للبنان تاريخاً ونسيجاً هو ما يدفع البعض إلى استباق الأحداث قياساً على أحداث أخرى جرت في العديد من بلدان العالم الثالث، وأهم ما يمتاز به لبنان إضافة إلى دوره المقاوم هو أنه يعج بالإمكانات التي تنتظر إخراجه من باطن الواقع والبشر معاً وليس فقط من باطن الأرض .
إن تاريخ لبنان المقاوم سوف ينعكس بالضرورة على النطاق العربي كله ليس فقط لان المقاومة رافعة قومية، بل لأن العرب أنفسهم لديهم رهانات على نهوض لبنان بعد كبوات عدة فرضتها ظروف باتت معروفة للجميع .
وما نرجوه دائماً بالنسبة للبنان هو أن نتجاوز عهد الرئيس سليمان الذي بني على ثنائية “التمييع” و”التهويل”، “فالتمييع” يفاقم من الأزمات الداخلية ، و”التهويل” هو أشبه بالتعجيز بحيث تبدو كل الأحلام محض أوهام تدغدغ طموح المواطن دون طائل.
ولو كان ما يشعر به اللبنانيون الآن من استعادة الدفء القومي بعد بدايات انتهاء الازمة السورية فهذا وحده يكفي بشارة للانعِطافَة المتوقعة على مستوى الاستحقاق الرئاسي .