أثبتت الأحداث والتطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، أن روسيا أصبحت دولة عظمى وقوة سلام عالمية، وقفت الى جانب سوريا ومحور المقاومة، وأعادت أمجاد الإتحاد السوفياتي العظيم، وبرهنت روسيا أنها قلب العالم وعن جدارة وقدرة، تمكنت من إفشال المخططات الأميركية والغربية وما دبّره الآخرون لسوريا وذلك من خلال رؤية روسية واضحة وموضوعية تمكّنت من إنزال الرئيس الأميركي عن الشجرة بعد تهديداته المشهورة بتوجيه ضربة ضد سوريا، وهي خطوة هامة نقلت كامل الإهتمام الدولي إلى متابعة الحرب على الإرهاب.
وفي الخطوة الثانية جذبت موسكو أنظار العالم الى أوكرانيا، وليس غريباً أن ينصب الإهتمام الدولي على الجبهة الأوروبية في أوكرانيا، حيث تتواجه عن قرب المصالح الروسية والحلف الأطلسي، نجحت روسيا في إبراز دورها وأهميتها، ونجحت السياسة الخارجية الروسية في الحؤول دون تنفيذ المخططات التي أعدتها الولايات المتحدة ودول الغرب في سوريا، لكن ضم القرم يعتبر فاصلة هي الأهم في تطور الأحداث العالمية، ويعني الإبتعاد عن التصادم في الموضوع السوري والإنغماس في الأزمة الأوكرانية، وكذلك تركيز الإهتمام على الإنتخابات الرئاسية السورية التي ستشهد فوزاً مظفراً للرئيس بشار الأسد، وبعدها العودة الى مسار جديد لـ جنيف – 3 تجمع من خلاله أميركا وروسيا على أن أطراف الخلاف في سوريا يمكنهم التوصل الى الحل داخلياً من خلال الحوار، ومثل هذه المقاربة خاسرة لإدارة الرئيس الأميركي أوباما، وهي علامة وهن أميركي في الساحة الدولية، أثبتت أن أميركا فشلت في مخططاتها.
لقد حاولت أميركا أن تستخدم المجموعات الأوكرانية اليمينية المتطرفة “القطاع الأيمن” وما شابه، وهي مجموعات تأسست بعد الحرب العالمية الثانية لتنفيذ الإنقلاب المسلح، نجحت أميركا في تحقيق الإنقلاب ولكنها أيقظت الرعب من الفاشية في روسيا وأوروبا كلها، وكأنها لا تتعلم من دروس التاريخ، عندما قدم الإتحاد السوفياتي وفي قلبه روسيا أكبر التضحيات التي وصلت الى أكثر من 25 مليون نسمة ودمار هائل لم يسبق له مثيل في الحرب العالمية الثانية.
إن عودة الفاشية في مثل هذه الظروف والأحداث العالمية ليست مسألة “تعددية سياسية” بل مسألة مصير قومي، وعندما يشجع “الناتو” وأميركا المنظمات الفاشية يعني هذا إعلان الحرب على روسيا، وهذا ما دفع روسيا لأن تستنفر قواتها المسلحة وأن توجه صواريخها وغواصاتها وطائرتها لضرب قواعد “الناتو” وضرب جميع المدن الأميركية قبل أن تتعرض للعدوان على الطريقة الهتلرية.
ينسى أرباب السياسية الغربية، أنه لم يعد هناك الخطر الذي سوّقوه في الماضي “الخطر الشيوعي”، وأن الرؤى تغيّرت وهناك حركة التاريخ والتطورات والمستجدات، وأن حركة التاريخ العسكري تؤشر، أن روسيا لا تعرف الهزيمة وهي تنتصر على أعدائها الأقوياء، والعقيدة العسكرية لروسيا الحالية تقوم على حتمية الإنتصار، يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “إن الجيش والأسطول الروسيين عليهما أن يوجها الضربة الى أي هدف كان على الأرض وفي الفضاء الكوني في الوقت ذاته”.