يأتي إنعقاد القمة العربية العادية هذا العام في الكويت في الخامس والعشرين من الشهر الجاري آذار، في ظل أوضاع عربية ودولية صعبة وبالغة التعقيد، وعلى الصعيد الدولي، أصبحت روسيا اليوم أكبر قوة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري بعد أن تمكّنت من ضم جمهورية القرم إليها من خلال عملية إستفتاء شعبي عبّر عن إرادة سكان القرم، بينما تعيش أوروبا في مرحلة من الركود والتراجع في مختلف المجالات.
وقد أثبتت الأحداث أنها مجرد صدى للولايات المتحدة التي تعاني هي الأخرى من أزمة تبدو مستعصية بعد الحروب التي شنتها على أفغانستان والعراق، وهي الآن في مرحلة الإنكفاء ومراجعة الذات.
والسؤال، ما هو حال “العرب” وماذا هم فاعلون، بينما العالم من حولنا يتغيّر ويتفاعل بقوة وبلغة المصالح؟ وما هو موقع “العرب” في المعادلة الدولية في ظل الأحداث والأزمات العاصفة، وهم مَن يدفع فاتورة الحرب التي تُشن ضد أمتنا تحت عناوين وذرائع لا تستقيم مع المنطق بشيء؟.
يأتي إنعقاد القمة العربية، بعد أن انضمت القرم الى روسيا، وما تلاه من عقوبات أميركية وأوروبية على روسيا، وأجواء شبه المواجهة والتدهور في العلاقات الأميركية – الروسية، مثل هذه التطورات ستنعكس على أزمات وأحداث المنطقة، وعلى القمة العربية، وانحسار فرص التوصل الى تفاهمات أميركية – روسية في التسوية المفترضة في المنطقة.
في جدول أعمال القمة العربية، جهود تُبذل لإحتواء الخلافات فيما بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر احتجاجاً على دورها في مصر واستقبالها لمعارضين من دول الخليج الأخرى…
والسؤال أيضاً: هل هناك من رؤية وتفكير جديد لإيجاد حل لحالة التردي السائدة في الصف العربي؟ وخاصة في ظل ما يحدث في سوريا والعراق من أحداث ودور بعض العرب في ما يحدث، واحتمال إنعكاساته على بقية الدول العربية.
يبدو أن نقطة الإنعطاف في الموقف “العربي” مازالت بعيدة، بسبب إنعدام الرؤية أو حالة التعمية السائدة التي تحجب الحقائق على أرض الواقع في سوريا، وما فعلته بعض الدول العربية في دعمها لأدوات القتل والتدمير خدمة لأهداف تلتقي مع أهداف أصحاب المشاريع المعادية لأمتنا.
فشلت الحرب التي شُنّت ضد سوريا، وأصبحت استراتيجية منظومة المقاومة أكثر وضوحاً، وفشل مؤتمر جنيف – 2 لأن أعداء سوريا لا يروقهم محاربة الإرهاب الذي هو أداتهم لتحقيق أهداف سياسية.
على القمة العربية، أن تبحث عن استراتيجيات جديدة غير تلك التي عرفناها خلال سنوات مضت، وقد حان وقت الحسم لأن سوريا باقية بجيشها وشعبها وقيادتها الحكيمة، بعد أن ثبت عقم الاستراتيجيات “العربية” تلك التي قادت الى إضعاف قوة العرب وهدر ثرواتهم من أجل خوض غمار حروب لغير صالح أمتنا وتغيير بوصلة أهدافهم بعيداً عن محاربة العدو الصهيوني وخلط الأوراق.
لا يريد المواطن العربي من القمة العربية لغة إنشائية فارغة من المضامين والتباكي على سوريا، بل يريد خيارات أخرى واستراتيجية عربية فاعلة لوضع حد لحالة التردي وعدم الرهان على مشاريع الأعداء، فهل يملك هؤلاء قرارهم؟!