تحدثت مصادر الخارجية الأميركية عن اللقاء الذي جمع الرئيس باراك أوباما برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في واشنطن ووصفته بأنه كان “صريحاً وبناءً” و”أن المفاوضات دخلت مرحلة بالغة الأهمية، ويتعين على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إتخاذ قرارات سياسية صعبة والإقدام على مجازفات من أجل السلام، واللافت هو حديث أوباما عن فرصة سانحة الآن والخشية من تبدد الفرصة المتاحة للتوصل الى إتفاق سلام دائم!”.
في حقيقة الأمر، المفاوضات التي تجري منذ إتفاق أوسلو 1993، سارت بإتجاه واحد، هو تحقيق جميع متطلبات أمن الكيان الصهيوني وتقديم التنازلات تباعاً من جانب السلطة الفلسطينية مقابل تقديم وعود أميركية تتغنى بالسلام الموعود، والحديث عن حل الدولتين أصبح معزوفة سمجة للغاية، لأن المفاوضات هي عنوان فقط، ويكاد الإسرائيلي يفاوض نفسه من خلال مسرحية هزلية ويتم تمديد عرضها بإستمرار طالما يحصل الكيان الصهيوني على الأرض ويتم تهويدها وإقامة المستوطنات، وأصبح هدف إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة هو مجرد “خيال” لا علاقة لة بالوقائع على الأرض.
المسرحية متواصلة والعدو الصهيوني هو المستفيد بينما يدفع الشعب الفلسطيني الثمن من خلال معاناته وتشرده، وتستفيد فئة صغيرة من أولئك الذين يتاجرون بدم وعذابات الشعب الفلسطيني ومصيره، ويتحدثون، أن لا خيار عن المفاوضات إلا المفاوضات وذريعتهم بذلك كما يقولون، الخوف من تحميلهم مسؤولية فشل المفاوضات والجهود الأميركية، في ظل وضع عربي غير مناسب، وإحتمال قطع المساعدات الأميركية والغربية وإخراج السلطة الفلسطينية من دائرة اللاعبين السياسيين في المنطقة، وإطلاق يد “إسرائيل” ضد الفلسطينين.
لقد أوصلت تلك المفاوضات الشعب الفلسطيني الى كارئة حقيقية وليس الى الدولة الموعودة كما بشروا، لقد سمحت المفاوضات بتأمين غطاء للعدو الصهيوني من خلال المشاركة في عملية سلام زائفة، ووعود فارغة بأن السلام قادم، بينما كان الإستيطان ينتشر في الأرض الفلسطينية بسرعة هائلة.
الرئيس الأميركي باراك أوباما، أبلغ رئيس حكومة العدو “بنيامين نتنياهو” أن “إتفاق الإطار” لا يمكن أن يكون إتفاقاً يتم التوصل إليه بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” ثم يعرض على الفلسطينيين ليقبلوا به أو يرفضونه، وهذا يعني، أن الراعي الأميركي هو شريك وداعم للكيان الصهيوني، وهو يريد الموافقة من رئيس السلطة على “إتفاق الإطار” المقترح.
ومن ضمن السيناريو، الذي يحلو للبعض أن يتغنى به، هو الرفض الشكلي الذي أبداه رئيس السلطة لمطلب “يهودية إسرائيل” ولكنه قبل بتمديد المفاوضات حتى نهاية العام 2014، أليس هذا قبول “بإتفاق الإطار” ومعناه القبول الضمني بيهودية “إسرائيل”، وقال رئيس السلطة: “إن إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين في 29 آذار الجاري سيظهر مدى جدية نتنياهو في شأن تحديد محادثات السلام”.
من خلال المفاوضات، خسرت القضية الفلسطينية، ومن أجل المفاوضات الى الأبد، ثم تمكين بعض “العرب” من تبرير تنصلهم، وبحجة الراعي الأميركي الذي حمل السلة بكل ما تحويه وذريعة القرار الفلسطيني المستقل والى حد إعفاء الجميع من مسؤولياتهم وحتى “العامل الدولي والمزايا القانونية والأخلاقية وحتى الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي وقراراتها الملزمة” تستمر المفاوضات.
من سخريات ما يحصل، أن بعض البلدان العربية وافقت على مطلب الإعتراف بـ “إسرائيل” كدولة يهودية، وبعضها الآخر وافق على هذا المطلب إذا وافق عليه الفلسطينيون، وهذا ما جلب المزيد من الضغوط الأميركية والإسرائلية على الشعب الفلسطيني.
لكن المهزلة الأكبر، أن رئيس السلطة، لا يريد العودة الى صفد، ووعد الإسرائيليين أنه لن يغرقهم بملايين اللاجئين الفلسطينيين، وهو يقول لهم “إطمئنوا”، والسؤال هنا الى أين ستقودنا مثل هذه الخطوات التفريطية أليس الى تصفية القضية، وأين ذهبت تضحيات الشعب الفلسطيني على مدى عقود من نضاله الطويل من أجل تحرير وطنه وعودته الى أرضه ودياره؟!