لم تكن الأمطار التي هطلت على لبنان منذ أيام مفاجئة، ذاك أن مراكز الأرصاد الجوية توقعت غباراً وغيوماً، وتوقعت هطول أمطار متوسطة إلى غزيرة، لكن المفاجأة الحقيقية بالنسبة للكثيرين ، هي الأوضاع التي آلت اليها عروسة القلمون وتحريرها من براثن الارهاب على ايدي الجيش العربي السوري مدعوما بعناصر من حزب الله.
هكذا وبسرعة قياسية ، دخل الجيش العربي السوري مدينة يبرود، عاصمة القلمون، وانهارت الجماعات التكفيرية على نحو مفاجئ، على عكس ما شاهدناه في معركة تحرير مدينة “القصيْر” التي استغرقت ما يقارب الشهر، وبذلك لم تعد الطريق المؤدية الى “يبرود” سالكة امام الجماعات الارهابية كما كانت سابقاً، بل أمام الفارّين من القرى المحيطة التي تم تحريرها، كالنبك وقارة ودير عطية، وغيرها من المناطق السورية ،مما دفع عدد من المحللين الاستراتيجيين الى القول بأن “يبرود” قد تحررت بالمنطق العسكري وبالمفهومين التكتيكي والإستراتيجي، الامر الذي دفع الجيش السوري الانتقال الى المرحلة الثالثة من عمليته العسكرية في هذه المنطقة، وأن عنوان هذه المرحلة هو «التطهير»، الذي يطاول بعض احياء مدينة يبرود بعد أن سيطر وحرر في المرحلتين السابقتين.
حررت “يبرود” المدينة الاساسية في القلمون، واعتبر تحريرها من أيدي المسلحين، نصراً استراتيجياً جديداً بكل معنى الكلمة، بحيث تفتح الافاق أمام الجيش السوري لتحرير كامل منطقة ريف دمشق، وهكذا تنتهي امال المعارضة من السيطرة على العاصمة، وبالتالي تنتهي الامال كلياً في الوصول الى الاهداف التي وضعت باياد اميركية ـ اسرائيلية ـ عربية.
وبطبيعة الحال فان تحرير “يبرود” من المسلحين يعني انتصار للشعب السوري مقابل هزيمة للجماعات المسلحة التي لم يعد بامكانها مع رعاتها الكبار من فرض ادنى الشروط على طاولة مؤتمر “جنيف 2” ،وهذا ما ادركته بعض الدول الخليجية التي مارست عبر وكلائها التكفيريين في سوريا ابشع انواع القتل والارهاب وارتكاب المجازر بحق السوريين وبشكل طائفي ومذهبي،حتى باتوا يمثلون دور مصاصي الدماء والعيش على “معجن” الخطف والقتل والتنكيل والترهيب .
بالفعل لقد بدّلت معركة يبرود كل المفردات ووصلت اصداءها الى كل اصقاع العالم بعد ان اعتبرت في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنوانا لمرحلة جديدة من عمر الازمة السورية وبداية سقوط للمشروع الاميركي واعوانه في المنطقة ، على الرغم من كل التهويلات الاميركية بتدويل جديد للازمة السورية والتلويح مجددا بالخيار العسكري من قبل ادارة اوباما التي فوجئت كما غيرها بتحرير مدينة يبرود التي كانت محصنة -حسب قول المحللين الاستراتيجيين- من الناحيتين العسكرية واللوجيستية اكثر من تحصينات الكثير من المدن الفلسطينية المحتلة ،وهذا يعني بحسابات الجنرالات الاسرائيليين ان “سقوط” رقعة جغرافية مثل يبرود على ايدي الجيش العربي السوري ومقاتلي المقاومة ، يجعل من السهل سقوط اي مدينة “اسرائيلية” وضرب خطوط دفاعها .
مما لا شك فيه فان تحرير “يبرود” يساوي بالنسبة للسوريين مكسبا كبيرا وورقة رابحة جديدة على طاولة المفاوضات مع اللاعبين الاساسيين المنخرطين في الازمة السورية ،فتحرير يبرود يعني بداية سقوط احجار “الدومينو” لمسلسل القتل والتفجيرات الارهابية ،والذي من شأنه احداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية لاطراف الصراع وفي الحديث عن اي تسويات في المفوضات المقبلة بين الاطراف المعنية.
هو صباح الانتصار الكبير في يبرود…صباح الحرية القادمة…صباح العزة والكرامة…من فلسطين المحتلة الى العراق الصامد ومصر جمال عبدالناصر وسوريا التي عصت على التكفيريين ودفعت الغالي والرخيص في سبيل الكرامة الى لبنان المقاوم .
هو صباح شهيدنا حمزة صبح ،وكل الشهداء والجرحى الذين لم تفارق عيونهم زمن الانتصارات .
هنيئا” للمسلمين وللعرب انتصاركم يا ابطال الشهادة والعزة لقد وحدتم الفصول وجعلتمونا نحيا اجواء الربيع ونحن في الشّتاء،
وان نصحوا على أصوات زغاريد اهالي الشّهداء وهم يعلنون أعراسهم ويحتفلون لهم.
^