الإعلام المضلل وسيلة تخدم المشروع الإستعماري الذي يستهدف أمتنا في حاضرها ومستقبلها ويسيء الى تاريخها، ذهب هذا الإعلام بعيداً في ضلاله ولهجته المتهافتة وتحديداً في بعض الدول العربية من إمارات وممالك “عربية” ارتبطت بالمشيئة الأميركية واستهدف قضايا الأمة وخاصة ما يتعلق بالأزمة السورية والقضية الفلسطينية، هذا الإعلام لم يدافع يوماً عن قضية عادلة وهو لا يرى الحقائق كما هي وأغلب الظن أنه فقد بصيرته بعد أن انعدمت رؤيته وغيّب تماماً وأصبح الناطق الرسمي لأعداء أمتنا.
وفي عالم يعيش ثورة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات على نحو جعل الأسرار مباحة وتفصح عن الحقائق تباعاً، نرى كيف أصبح الإعلام المضلل سلعة رخيصة ولهجة متهافتة وهابطة ومكشوفة، وهنا يصح القول، إن فاقد الشيء لا يعطيه، وإن لا شيء يخرج من لا شيء.
لقد سقطت كل الأقنعة وعمليات التجميل المصطنعة لم تعد لتعطي أوكلها بتاتاً في ظل الأحداث والتطورات التي تعصف في عالمنا العربي، وإذا كان الإعلام المعاصر هو التعبير الحقيقي عن مكانة الدول وحجمها الإقليمي، فالحصيلة المتوفرة لا تشير الى أي تفاؤل في الدول التي تقدم الدعم المادي والتسليحي والإعلامي للإرهاب خدمة لأهداف القوى الإستعمارية والكيان الصهيوني، وفي ظل حالة التبعية والإرتهان الواضحة التي طالت تلك الدول وحجمها في دول مثل (السعودية وقطر… وأخواتها)، لقد سقطت صدقية تلك الدول عندما تآمرت على سوريا وقدمت كل معاول الهدم وأوغلت في بشاعة المشهد الإعلامي الى ما لا نهاية، وسمحت لنفسها في أن تكون عرابة التدمير والفتن والخادم الذي يؤتمر بأوامر أسياده في البيت الأبيض أو ارتبطت بعجلة المشروع الاستعماري ونسجت تحالفاتها ورهنت ثرواتها لحسابه، وهي التي إنحازت بشكل جنوني للإرهاب الذي يدمر كل مقومات الأمة، والتقت مع الكيان الصهيوني في الرؤى والأهداف، وبذلك أصبحت المروّج لكل أمر مدمر من خلال إعلامها الممول والتابع، واختارت الإعلام المضلل وسيلة للوصول الى أهدافها، ولو على حساب عدالة القضية.
إن الإلتزامات السياسية والأمنية المترتبة على علاقات تلك الدول بأصحاب المشروع الإستعماري، انعكس سلباً على القضية الفلسطينية وجعلها عرضة للإبتزاز والتصفية، والسؤال هنا:
لماذا نجد أن المقاطعة ضد الكيان الصهيوني في بعض الدول الأوروبية تكاد تكون متقدمة أو ضمن حدودها الدنيا، بينما نرى هناك “دول عربية” تكاد تكون مقاطعتها “ضعيفة” أوشكلية وفي السر تقيم أوثق العلاقات مع كيان غاصب محتل، والكيان الصهيوني هو عدو أمتنا؟ لماذا يحاول هؤلاء حرف البوصلة عن اتجاهها الحقيقي وأي مشروع إستعماري يتبعون؟ ألم يقتنعوا بعد؟! أن “إسرائيل” هي عدوهم وهي رأس الحربة لمشروع إستعماري أكبر يرمي الى إبقاء أمتنا ضعيفة مفككة في إطار التبعية والتخلف والتجزئة حتى يسهل السيطرة على موقعها ومواردها.