توافق اللاعبون الدوليون على عقد مؤتمر جنيف – 2 في يوم 22/1/2014 لإيجاد مدخل سياسي لحل الأزمة السورية، لذلك تمّ دعوة الأطراف السورية، الجانب الرسمي السوري والمعارضة ممثلة بما يسمى “الإثتلاف”.
في خلفيات إنعقاد مؤتمر جنيف- 2 تكمن رغبة دولية في إيجاد حل للأزمة السورية تمهّد السبيل لتناول كل معضلات الشرق الأوسط وصولاً لإبرام صفقة شاملة تتناول قضايا عديدة.
أطراف التفاوض في هذه الحالة، هم الأطراف الدوليون وخاصة روسيا والولايات المتحدة الذين نجحوا في إطلاق إشارة البداية لإنجاز حوار وتفاهمات جرى استثمارها وفتحت الباب على مصراعيه لإيجاد مدخل لحل المشكلات الإقليمية وتمّ البدء بالسلاح الكيميائي السوري، أي أن مؤتمر جنيف- 2 هو تتويج للتفاهم “الروسي – الأميركي” وهو مرتبط بمسارات أخرى من التفاوض وخاصة إتفاق جنيف الأولي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول الست الكبرى في شأن الملف النووي الإيراني الذي بدأ حيّز التنفيذ يوم 20/1/2014 أي قبل يومين من افتتاح أعمال مؤتمر جنيف – 2 في مونترو.
وبذلك ما يحصل الآن، ليس بعيداً عن مفاعيل الخطوات التي سبقت ويضاف الى الأحداث في المنطقة وتداعياتها الإقليمية والنتائج الميدانية على الأرض، ودخول جبهات جديدة الى ساحة الصراع، وخاصة ما يشهده العراق ودخوله مباشرة على خط الصراع الدائر في المنطقة لجهة الحرب على الإرهاب الذي تمثله القاعدة” بكل تفرعاتها، والتحول الجاري في موقف الحكومة الأميركية التي قدمت الدعم المباشر من السلاح والعتاد الى الدولة العراقية، ومؤشرات هذا التحول في الموقف الأميركي ظهرت في أكثر من مكان في الإقليم، في لبنان لجهة التحول الطارئ على موقف الأطراف والتوافق المتبلور على تشكيل حكومة لبنانية جديدة، وكذلك المفاوضات “الإسرائيلية – الفلسطينية” التي مازالت تنتظر الوصول الى نقطة الحسم ومطالبة الراعي الأميركي بإطالة تلك المفاوضات، والهدف تحسين المكاسب الأميركية والإسرائيلية على حساب الملفات الأخرى.
من الصعب الحديث عن نجاح سريع لأعمال مؤتمر جنيف – 2 والتوصل الى تسوية كاملة، وسيمر وقت طويل قبل أن تتبلور بداية الحل، لكن المهم بالنسبة الى الدول الكبرى وخاصة روسيا وأميركا هو أن تنطلق العملية السياسية والتي من أبرز أهدافها محاربة الإرهاب كأولوية قصوى ووضع حد للصراع الدائر في المنطقة وحفظ مصالح تلك الدول من خلال إنجاز تسوية ترضي جميع الأطراف.
هذا يعني، أن المفاوضات في جنيف – 2 ومن الناحية العملية ستجري بين موسكو وواشنطن أولاً وهي التي بدأت بالتفاهمات الشهيرة، وسيكون للجمهورية الإسلامية دورها القوي والفاعل فهي أحد أضلاع محور المقاومة في أمتنا، ولذلك شنت عليها حملة كبيرة من قبل دول الخليج وخاصة السعودية لإبعادها عن مؤتمر جنيف – 2، بينما في واقع الأمر، إيران هي الغائبة ولكنها حاضرة بقوة أكبر من خلال مواقفها الواضحة والمعبرة والرافضة لأي إملاءات على سوريا، وسيكون للدور الإيراني تأثيره الكبير على السعودية ودول الخليج لوضعهم على مسار التسوية سواء شاركت إيران في أعمال جنيف – 2 أو لم تشارك.
مؤتمر جنيف – 2 في خطواته الأولى، حقق مصالح الدول الكبرى (روسيا والولايات المتحدة) قبل التوصل الى صيغة مناسبة لحل الأزمة السورية، ومَن يخشى حضور إيران سيجد نفسه لاحقاً يجري لكسب ودّها عندما يتم الإنتقال الى صلب القضايا المطروحة.