مرة جديدة، يدخل اللبنانيون في تجربة مريرة، ضحيّتها لبنان ؛ الوطن، الدولة،التكامل الوطني ، الاستقرار، الأمن.
كان يوجد رهان على أن يبني المواطن اللبناني دولته الراسخة، قوامها الانسجام والعدالة والشراكة الوطنية، لكن ما نراه من احتقان، وتمترس، واستقطاب، وتحريض وتنازع، وإقصاء، واتهامات متبادلة بل وتصدير للأزمات إلى المحيط، لا يبشّر بالخير
ما تشهده الساحة اللبنانية منذ ايام من انقسام سياسي واضح حول تشكيل الحكومة تمهيدا لتواقف القوى الاساسية على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 26 ايار المقبل ، كان ممكناً تجنّبه لو كان هناك انفتاح على حوار، أو على الأقل اعتراف بالآخر، لكن من الواضح أنه لم تكن هناك رغبة في التوصل إلى حل وسط، وأنّ الدولة الحاضنة غائبة.. أو مغيّبة.
المشكلة الأبرز في ما يحصل لبنانيا ، هو الفشل الذريع، بعد اتفاق الطائف في تأمين الانتقال إلى مرحلة دولة المؤسسات والقانون، ، والى تعزيز مفهوم المواطنة في دولة تفترض مقوماتها أن تحمل كل معاني الازدهار السياسي والاقتصادي لشعبها.
الحشد الطائفي والمذهبي لا يبني دولة، والإصرار على تغييب سياسة الحوار مع مكونات اساسية في المجتمع الداخلي ، واعتماد لغة التخوين سبيلاً وحيداً لحل القضايا العالقة، لا يمكن له بأي حالٍ من الأحوال أن يوصل لبنان إلى بر الأمان المفقود، بسبب التيه السياسي، الذي يترجم على الأرض واقعاً معاشاً. وبالتأكيد، فإنّه لا حلّ إلاّ عبر الحوار، من خلال عملية سياسية شاملة، تتيح لمكونات المجتمع كافة الشعور بالمشاركة في بناء المستقبل الديمقراطي.
بمعنى آخر فأنّ لبنان يواجه أزمة تكاذب بين مكوناته، ولا حل لذلك إلاّ الحوار وسماع الآخر، لأنّ التحديات المنظورة والبعيدة تهدّد الجميع، وليكن في ما يجري في الجوار عبرة، أو جرس إنذار، فالمآلات التي وصل إليها الوضع في سوريا على سبيل المثال، كان سببها ممارسات تكفيرية ادخلت السوريين في بحر من سفك الدماء والتنكيل والتدمير والاغتيالات والتفجيرات الارهابية.
ما يحتاجه لبنان اليوم، هو نوايا طيبة ورغبة حقيقية في الإصلاح والتغيير من قبل الجميع، أي قوة أو قوى تستغل هذا الوضع الهش لتحقيق مصالح حزبية أو مناطقية، هي جزء من التعطيل الذي يؤثر على حاضر ومستقبل لبنان .
^