منذ قرابة ثلاث سنوات تتعرض سوريا الى أشرس هجرة عدوانية تستهدف الوطن والهوية، ويقف خلفها أعتى قوى الاستعمار العالمي وأدواته الرخيصة من قوى رجعية متخلفة استخدمت المال والسلاح والمرتزقة من أجل تحقيق غايتها الدنيئة، وهدفها تدمير كل الإنجازات التي تحققت خلال عقود من الزمن، لكن أعداء الأمة أصيبوا بالخيبة والهزيمة المرة بسبب صمود سوريا بشعبها وجيشها وقيادتها، ولم يتوصلوا الى أهدافهم.
وفي الإطار الأوسع لما يجري في العالم من تحولات على خريطة النفوذ الدولي للقوى الكبرى وخصوصاً النفوذ الأميركي في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، كل المؤشرات تؤكّد أن هذا النفوذ قد خرج من بقايا عصر الإمبراطورية، الذي كانت فيه السياسة الدولية تقاد على أساس القطب الأوحد، وهذا ما هيّأت له موازين القوى الجديدة التي تغيّرت خلال عام 2013، وبعدما مُنِي النفوذ الأميركي بسلسلة من التراجعات في أكثر من مكان (العراق وسوريا وأفغانستان)، وبعد أن فشلت الحرب الكونية التي شنّت ضد سوريا وجند لها أدوات محلية وإقليمية بأموالها وسلاحها.
لقد تمكنت إيران من إفشال الحصار ضدها من خلال صمودها والاعتماد على إمكانياتها الذاتية وبسبب صدق تحالفاتها ومواقفها المبدئية ووقوفها الى جانب سوريا من خلال محور المقاومة الذي إستطاع أن يحقق إنجازات هامة على صعيد مواجهة العدوان وأدواته، واستطاعت إيران أن تنتزع التسليم الغربي والأميركي بحقوقها في التخصيب النووي للأغراض السلمية.
وفي الشأن العربي، سقط حكم “الإخوان” في مصر وهو مؤشر هام لسقوطه في كافة أرجاء المنطقة والعالم وسقط معه المشروع الأميركي الذي جاء به، وفشل المشروع الأميركي – الغربي الاستعماري، هو الحدث الأبرز الذي بدأت تداعياته وآثاره في الظهور تباعاً وعلى الأخص في المجال السياسي.
التراجع الأميركي يبدو واضحاً من خلال الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على السلطة الفلسطينية لمواصلة المفاوضات مع “إسرائيل” مع العلم أن كل النتائج العملية لتلك المفاوضات كانت لمصلحة العدو الصهيوني الذي استمر في نهب الأرض الفلسطينية وزيادة الاستيطان وتهويد أرض فلسطين التاريخية.
ومن مؤشرات التغيير الأميركي ولو تكتيكياً، تلك التفاهمات “الأميركية – الروسية” المتعلقة بالأزمة السورية والتي تتقارب الى حد التماثل في الرؤى حول مؤتمر جنيف – 2 والتنسيق الدائم تحت عنوان محاربة الإرهاب.
وفي الفترة المقبلة من أحداث سوريا، سنشهد فشلاً جديداً لكل الأدوات الإقليمية التي راهنت على تدمير سوريا وإضعاف دورها.
وتراجع النفوذ الأميركي في المنطقة رافقه تراجع الدور السعودي الذي انكشفت كافة أوراقه، ومهما حاول الهروب الى الأمام في غيّه فمصيره الخسران لأنه لا يحمل قضية نظيفة بل يتآمر على الأمة جمعاء من خلال أعماله التي تصب في مصلحة العدو الصهيوني.
إن كل التوقعات والدلائل والمؤشرات بشأن العهد الجديد في مصر العروبة تؤكّد أن مصر تقترب وبسرعة لأخذ دورها القومي وهي تحقق الإنجازات الميدانية في حربها على الإرهاب، والدور المصري لا بد أن يلتقي مع الدور السوري وتشكيل رافعة نهوض جديد في أمتنا.