ينقسم اللبنانيون على أنفسهم حيال الازمة المشتعلة في سوريا وربما لن يتفقوا في الايام القادمة ، ، سوى على الليرة ومصرف لبنان وصوت فيروز …..
حكومة لبنان دخلت مرحلة تصريف الاعمال يمارس تحت ظلالها،غالبية الوزراء ، مختلف أشكال “السيادة”، ودائما تحت رعاية أمراء الحرب وأثريائها.
الصورة هذه الأيام تبدو أكثر قتامة، ولولا استمرار مؤسسة الجيش كتلة موحدة حتى الآن، لتوزع ابناء الوطن إلى كانتونات وإدارات مستقلة ، يفصل بعضها ببعضها الآخر،متاريس التراشق بالنار والاتهامات والاغتيالات والتفجيرات والاحزمة الناسفة … الأجهزة الأمنية موزّعة الولاءات والانتماءات … والبلد يدار برئيس حكومة مكلف وآخر مستقيل، يصرف الأعمال، والبرلمان معطل حتى إشعار آخر، أما “كرسيّ” الرئاسة الاولى في بعبدا، فمهدد بفراغ قريب، إن سقط حلم الرئيس ميشال سليمان “بالتمديد” و”التجديد” الذي طالما عانت منه الجمهورية اللبنانية، معطوفا على “التوريث” بالطبع.
صوت فيروز الذي صمد منذ زمن بعيد ، وظل عابراً للحواجز والمتاريس والمذاهب والطوائف والأحزاب ، يريد احدهم اليوم تحويله الى موضع انقسام واحتراب، لأنه في زمن التكفير ممنوع على الصوت المثقف أن يبدي رأياً أو أن يعبر عن موقف أو إحساس أو شعور.
ذنب السيدة فيروز أنها عبرت عن “عطف ومودة” لسماحة السيد حسن نصر الله، أسرت به لنجلها زياد الرحباني الذي باح به إلى الإعلام، من خلال مقابلة تلفزيونية على قناة “الميادين” ،وهذا سبب كاف لشن هجوم واطلاق حملة مسعورة عليها ، بلغت أسفل درك من الإسفاف و”اللامعقول”.
ففيروز التي غنت للقدس والشام وبيروت وطفل المغارة، حريٌ بها أن تقف إلى جانب المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وهي التي مجّدت مقاومة الشعب الفلسطيني وبطولات أبنائه … ، ولكن الآخرون هم الذين تغيروا، بمن فيهم شعراء المواقف والكلمات المثيرة للقشعريرة القومية في العروق، ومنتقدو السيدة فيروز هذه الأيام، هم من نقلوا بنادقهم من خنادق اليسار والحركة الوطنية إلى مواقع انظمة العائلات المتهالكة والفساد وسرقة الاموال العامة.
لا أظن السيدة فيروز، وهي تتابع وتشاهد اعمال القتل والجرائم والارهاب في سوريا ، تظن أن عاقلاً يصدق أنها داعمة لحروب التكفيريين… ولا أظنها وهي تتبع أخبار الشعب السوري تبدي ارتياحاً لعمليات قطع الرؤوس والتنكيل بالجثث والاعتداء على الكنائس والجوامع فوق أرض سوريا ،مما يعني حتما بانها ليست حليفة لـ “داعش” وجماعة ”النصرة” و”الجبهة الإسلامية”، وكل من ينسجون على أنوال “الجهاد” بأنواعه في سوريا والعراق ولبنان .
ستبقى السيدة فيروز قامة فنية وثقافية وجمالية عالية، وأعلى من أن تطالها سهام الحقد ، وهي أكبر أن تحشر في زواريب وحارات أمراء التكفير القدامى والجدد، وأعصى من أن تطوع لسطوة المال المخضّب برائحةالنفط الخليجي … فيروز أيقونة ميلادية، ستظل ترانيمها وانشوداتها تملأ مسامات الروح والقلب، مهما علا أزيز رصاص الغدر والخيانة ، ومهما ارتفع ضجيج من أفقدهم حقدهم وفئويتهم وعنصريتهم نعمة البصر والبصيرة.
^