في محاولة مفضوحة لترهيب المدنيين، وفي اطار الحرب النفسية التي اختار العدو تزامنها مع الذكرى الاولى لبدء ضرباته الدنيئة في ايلول الماضي، وعشية وصول المبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس، شن الطيران الحربي سلسلة غارات عنيفة على عدد من المدن والقرى مستبقا ذلك بنشر «الخرائط الحمراء» السيئة الذكر، وذلك في اصرار من حكومة اليمين المتطرفة على محاولة «كي وعي» البيئة الحاضنة للمقاومة التي ردت بتصميمها على التمسك بالارض من خلال العودة الى المناطق التي استهدفت فور انتهاء الغارات، بعد اخلاء قسري لبعض الوقت، حيث عادت الحياة الى طبيعتها، وذلك في تحدٍ مباشر لنيات العدو لمنع عودة الاستقرار الى الجنوب. سياسيا، وبينما تغرق الحكومة التي «غسلت يديها» من قانون الانتخابات، في دراسة موازنة تثير الكثير من علامات الاستفهام لخلو ارقامها من ملف اعادة الاعمار، اعيد الاعتبار الى خط التواصل بين رئاسة الجمهورية وحزب الله على قاعدة فصل الملفات، اي وضع الخلاف حول ملف «حصرية السلاح» جانبا، والتنسيق لتسيير شؤون البلاد، فيما لا يزال خط التنسيق مفتوحا بين المقاومة وقيادة الجيش لما يصب في مصلحة الاستقرار في ضوء تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية.
علاقة بعبدا وحزب الله
وفي هذا السياق، عادت «الحرارة» الى العلاقة بين رئاسة الجمهورية وقيادة حزب الله، اثر برودة اعترت العلاقة عقب الخلاف على ملف «حصرية السلاح». وفي اول لقاء بعد الجلسة الحكومية في الـ 5 من الشهر الجاري، التقى مستشار الرئيس اندريه رحال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ليل الاربعاء الخميس، ووفق مصادر مطلعة، يؤسس هذا الاجتماع لزيارة مرتقبة لرعد الى القصر الجمهوري بعد ان عاد مسار الحوار الى الانطلاق مجددا، حيث تم التفاهم على ان يكون الاستقرار اولوية، وبعد نقاش المواضيع كافة بصراحة تامة تم التاكيد على ضرورة تفعيل العمل الحكومي، وقد كانت لحزب الله ملاحظات على الموازنة لعدم وجود اي ذكر لاعادة الاعمار، كما حضر قانون الانتخابات في اللقاء وكان الحرص مشتركا على اجرائها في موعدها. وفق المعلومات، فإن ثمة تأسيسا لعلاقة تقوم على فصل الملفات، لجهة تجاوز الخلاف حول «حصرية السلاح» واستمرار التعاون في الملفات الاخرى. وفي سياق متصل، فان التواصل بين قيادة الجيش وحزب الله لا يزال على حاله لجهة التنسيق حيث يجب ذلك في اطار مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، والحفاظ على الاستقرار الداخلي.
تصعيد اسرائيلي
ففي ظل مخاوف من تصعيد ممنهج في الايام المقبلة تزامنا مع الذكرى الاولى للعدوان، رفعت دولة الاحتلال المحاصرة بضربات موجعة تلقتها بالامس في غزة حيث قتل 4 من ضباطها، وبعملية ادت الى مقتل اثنين على جسر الملك الحسين على الحدود مع الاردن، وسقوط مسيرة اطلقت في اليمن على فندق في مدينة ايلات السياحية، رفعت من منسوب اعتداءاتها على مدن وقرى الجنوب بغارات جوية استهدفت مباني سكنية مدنية ادعت انها مراكز لحزب الله. وفيما تقف الدولة اللبنانية بسلطاتها التنفيذية والتشريعية عاجزة عن القيام بشيء وتكتفي بالادانة بخجل، ولا تقدم حتى على خطوات ديبلوماسية توثق العدوان المستمر، كان لافتا الموقف المتقدم للجيش والذي ربط على نحو مباشر اي تقدم في ملف انتشاره و «حصرية السلاح» بدءا من جنوب الليطاني بوقف هذه الاعتداءات. ولهذا كان حزب الله واضحا بدعوته السلطات الرسمية إلى حسم خيارها الوطني واعادة النظر في رهانات بعض من فيها. ودعا النائب حسن فضل الله الدولة وأداتها التنفيذية، أي الحكومة، لاتخاذ موقف وطني عملي ينسجم مع تطلعات شعبها بوقف مسلسل امتهان الكرامة الوطنية واستباحة السيادة، وحزم قرارها لجهة التصدي للعدوان بكل الوسائل الممكنة ولديها منها الكثير متى قررت التصرف كحكومة مسؤولة عن شعبها وملتزمة حماية السيادة.
الحرب النفسية
وهذا التصعيد الميداني، يندرج في محاولة تجديد الحرب النفسية ضد اللبنانيين وبيئة المقاومة بعد ان عادت الخرائط الاسرائيلية الحمراء للظهور مجددا في الذكرى السنوية الاولى للحرب على لبنان، وكذلك رفعا لمعنويات الجمهور الاسرائيلي خصوصا في مستوطنات الشمال. ووفق مصادر معنية، لا قيمة امنية او عسكرية لما قامت به قوات الاحتلال بالامس، بل كانت خطواتها مجرد محاولة لترويع السكان، وعرقلة عودة الحياة الى طبيعتها، فلو كانت المواقع امنية او عسكرية تابعة للمقاومة كما ادعى الناطق باسم قوات الاحتلال افيخاي ادرعي، لكان الطيران الحربي نفذ اعتداءاته دون انذار مسبق، ولم يكن ليسمح بحصول اخلاء من المنطقة. ولهذا لم تعد «اكاذيب» الاحتلال تجوز على احد.
المصدر: “الديار”-ابراهيم ناصر الدين
*