لفتت صحيفة “الجمهورية” إلى أنّ “فجأة توقّفت عجلة التعيينات، على عكس الزخم الذي انطلقت به. وتبيّن أن التعيينات الأمنية والعسكرية كانت ملفاً مطلوباً إنجازُه على وجه السرعة، لاعتبارات خارجية تتصل بإحكام قبضة الوصاية الأميركية- السعودية، خصوصاً أن للإجراءات الأمنية- العسكرية المُراد تنفيذها، علاقة مباشرة بالمرحلة التأسيسية لمرحلة جديدة في لبنان في ضوء الحرب الإسرائيلية”.
وأشارت إلى أنّه “مع أن إنجاز التعيينات جاء في قائمة المطالب الخارجية كجزء من مشروع الإصلاح في العهد الجديد، لا تزال التعيينات الإدارية والقضائية والدبلوماسية تخضع لعرف المحاصصة والتوزيع الطائفي، رغم إقرار آلية التعيينات في مجلس الوزراء”، مبيّنةً أنّ “في هذا الإطار، يبرز إلى الواجهة مشروع التشكيلات الذي يعدّه وزير الخارجية يوسف رجّي، لرفعه إلى مجلس الوزراء، لتسمية السفراء المُنتدبين لمنصب سفير في عدد من الدول العربية والغربية”.
وعلمت “الأخبار” أن “رجّي أرسل لائحة أولية بالأسماء إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، فيما ترك المراكز في السفارات الأساسية خالية، إذ جرت العادة أن يُعيّن فيها سفراء من خارج الملاك محسوبون على الرئاسات الثلاث، في توزيعة تجعل السفراء في واشنطن وباريس والفاتيكان من حصة رئيس الجمهورية، وفي نيويورك والسعودية والأونيسكو من حصة رئيس مجلس الحكومة؛ وفي لندن وطوكيو وجنيف والدوحة وبروكسيل من حصة رئيس مجلس النواب”.
وركّزت مصادر في وزارة الخارجية لـ”الأخبار”، على أنّ “العقبة الأساسية تتعلّق برئيس الحكومة، الذي لم يقدّم حتى الآن الأسماء المحسوبة عليه، باستثناء مرشّحة آتية من عالم الإعلام الفرنكوفوني لمنصب السفيرة في الأونيسكو، بينما يواجه صعوبة كبيرة في اختيار اسمين للرياض ونيويورك”.
وأكّدت أنّ “هناك صدمة لدى شخصيات سياسية ونيابية سنّية من أداء سلام، الذي أظهر سياسة صفرية في التعامل مع الإدارة في لبنان، ولمسَ العاملون معه أو من هم على صلة به عدم معرفته بتفاصيل كثيرة، وافتقاره إلى شبكة علاقات، ولا سيما مع الشخصيات التي عادة ما تكون مرشّحة للمواقع السنّية؛ وهو ما فاجأ الجميع بمن فيهم رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الأقرب له والأكثر تأثيراً فيه”.
وأوضحت المصادر أنّ “سلام لم يقدّم حتى الآن أي اقتراح بأسماء ينوي تعيينها”، ما دفع الرئيس عون إلى تأخير تسليم الأسماء المُنتدبة من قبله، علماً أن مصادر القصر تقول إنه “حسمها”، بينما سلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسماء التي يريدها، فاختار كلاً من وليد حيدر لسفارة لبنان في بلجيكا، وأسامة خشاب في طوكيو، وفرح بري في لندن، وحسين حيدر في سويسرا، وبلال قبلان في قطر، بحسب الصحيفة.
ولفتت المصادر إلى أن “رجّي يتابع الموضوع بطريقة سياسية. وهو ينسّق مشروعه بكل تفاصيله مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يريد استثماراً جدياً في وزارة الخارجية، ودعم سفراء بعينهم في عدد من الدول لعدة أسباب، من بينها التواصل مع المغتربين. علماً أن فريق “القوات” يعتبر أن أمامه فرصة لإبعاد من سبق لـ”التيار الوطني الحر” أن دعم وصولهم إلى مواقع دبلوماسية نافذة في الإدارة أو في الخارج”.
هوية البابا الجديد لا تُبدّل التزامات الفاتيكان اللبنانية
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة “الجمهوريّة” أنّه “يغيب البابا فرنسيس، لكنّ ظل الكرسي الرسولي سيبقى وارفاً، ودوره لن يعرف الانكفاء، فهو ممتد في الزمن منذ ولادة المسيحية. إنّ الفاتيكان أظهر في غير مناسبة واستحقاق أنّه مع الحوار بين الأديان، ولاقى المبادرات التي قامت لهذه الغاية بإيجابية، فكانت مشاركة البابا فرنسيس في توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” في الإمارات، واللقاء مع شيخ الأزهر الذي اتسم بالحيَوية والرغبة في تقديم المشتركات بين المسيحية والإسلام، تعزيزاً لروح الإخاء والشراكة الإيمانية بالله الواحد؛ آب جميع الديانات السماوية ومرجعها”.
وأشارت إلى أنّ “لقاءه مع المرجع الشيعي آية الله السيستاني لدى زيارته العراق، كان غنياً في دلالاته وعميقاً في مضمونه، وهذا ما عكسه البيان الصادر عن هذا اللقاء”، مركّزةً على أنّ “بابا الحوار أكمل ما بدأه أسلافه من حوار مسكوني مع الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الإنغليكانية والكنيسة الإنجيلية، من أجل وحدة الكنائس المسيحية”.
وشدّدت الصحيفة على أنّ “في أي حال ما كان لبنان يوماً غائباً عن الكرسي الرسولي، فهو في صلب اهتماماته اليومية، يسكن معه، وليس من قبيل المغالاة القول إنّه كان ولا يزال همّه الدائم. ويضيق المجال بإيراد تفاصيل المبادرات والمساعي التي اضطلع بها من أجل الدفاع عنه، وإنهاء محنته، ووقف الحروب فيه وعليه وآخرها الحرب الإسرائيلية”.
ولفتت إلى أنّ “المجمع الانتخابي سيختار خلفاً للبابا فرنسيس بالاقتراع السرّي ليتابع المسيرة التي بدأها أسلافه، والبابا المُنتظر أن يُنبئ الدخان الأبيض انتخابه، سيعكس اتجاهات الكنيسة الكاثوليكية في زمن التحدّيات التي تواجهها: زمن الذكاء الاصطناعي، الثورة الرقمية، تبدّل سلّم القِيَم الإنسانية واختلاف النظرة إليه. كذلك، زمن ازدياد مخاوف الكنيسة من تغيير هوية أوروبا، بفعل الهجرات غير الشرعية ونمو مَوجة الإسلاموفوبيا”.
كما أكّدت أنّه “أياً تكن هوية البابا الذي سيخلف سلفه فرنسيس، فإنّ التزام الفاتيكان بلبنان والدفاع عنه، بلداً موحّداً أرضاً وشعباً، تعدّدياً، وموئلاً للحوار الميداني من خلال العيش الواحد، لا النظري فحسب، هو التزام ثابت لا جدال فيه، وقد دلّت الأحداث والاستحقاقات إلى ذلك؛ حتى قبل أن أعطى البابا يوحنا بولس الثاني لبنان توصيف “وطن الرسالة”.