لمسات قبل الإقرار
حكومياً، لم تبقَ سوى لمسات قليلة وأخيرة فاصلة عن إقرار آلية التعيينات الإدارية، ووفق الوعد الحكومي، فإنّ هذه الآلية سيُقرّها مجلس الوزراء اليوم، على أمل أن يشكّل إقرارها البداية الأكيدة لمرحلة الإصلاحات الموعودة، وإعادة بناء الإدارة على أسس النزاهة والكفاءة والخبرة، وتنقِيَتها من الفساد والفاسدين والمُفسِدين. على أنّ الشرط الأساس لذلك يتمثل في إخراج آلية موضوعية مراعية لكل المعايير القانونية والدستورية، وليس آلية مبالغ فيها تتضمّن معايير عشوائية قابلة للطعن فيها، لتساهم في علاج وضع الإدارة، ولا تساهم في اهترائها أكثر فأكثر.
وفي سياق متصل بالتعيينات، تدرّجت تشكيلات أمنية بدأها المدير العام الجديد لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله، فعيّن العميد محمود قبرصلي رئيساً لشعبة المعلومات، خلفاً للعميد خالد حمود.
ورشة مجلسية
مع بداية العقد العادي الأول للمجلس النيابي اعتباراً من يوم أمس الأول الثلاثاء 18 آذار، وإذا ما صدقت الوعود الرسمية، فإنّ المجلس النيابي سيتحوّل في ما تُسمّيها الحكومة المرحلة الإصلاحية، إلى خلية عمل دائمة، عبر مجموعة مشاريع القوانين ذات الصلة بالمسار الإصلاحي، التي ستحيلها الحكومة على المجلس النيابي. وهذا يعني على ما تكشف مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، أنّ لدى الحكومة توجّهاً لعقد جلسات مكثفة لمجلس الوزراء، خصوصاً أنّ سبيل التعافي التي قرّرت الحكومة أن تسلكه، يتمَوضع في كمّ هائل من الضروريات والأولويات المتراكمة التي تتطلب الحسم السريع في الحكومة ومجلس النواب.
يُشار في هذا السياق إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قد سبق له أن أكّد لمرات متتالية أمام زواره الإستعداد الكلي للتعاون الكامل بين مجلس النواب والحكومة، وأنّ المجلس سيكون رافعاً للحكومة ورافداً لها في كل ما يُحقّق مصلحة لبنان، ويُوفّر العلاجات الضرورية والملحّة للوضع الإقتصادي والمالي، ويُخفِّف من الأعباء على اللبنانيِّين، ويساهم في الإنماء الشامل إقتصادياً ومالياً وخدماتياً لكلّ المناطق اللبنانية.
الموازنة على النار
ولعلّ الملف الذي يحظى بأولوية العمل لإنجازه خلال الأشهر المقبلة، يتعلق بموازنة العام 2026، إذ أكّدت مصادر وزارة المالية لـ«الجمهورية» أنّ الموازنة يُفترض أنّها ستوضع على النار، لأنّ الدوائر المعنية بها قد باشرت خطواتها التحضيرية لإعداد مشروع موازنة العام المقبل، يُحاكي ضرورات الوضع اللبناني بصورة عامة ومتطلباته. ولفتت عن توجيهات صارمة لإنجاز مشروع الموازنة بالسرعة الكلية، ليصار إلى إقراره في مجلس الوزراء ومن ثم إحالته على مجلس النواب ليس ضمن المهلة القانونية المحدّدة لذلك، بل قبل سريان هذه المهلة.
اتصالات لتجنّب الطعن
وكانت الحكومة قد بادرت إلى إقرار مشروع موازنة 2025 بمرسوم في مجلس الوزراء، هروباً من الصرف على القاعدة الإثني عشرية، خصوصاً وأنّ ثمة أعباءً كبرى أمامها لا تفي بها القاعدة الإثني عشرية.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ بعض الاتجاهات النيابية فكّرت بالطعن بقرار الحكومة إصدار الموازنة بمرسوم أمام المجلس الدستوري، وقد اتفقت قراءات العديد من الخبراء في القانون والدستور على أنّ مجرّد وصول الطعن إلى المجلس الدستوري سيُعتبَر مرسوم الحكومة باطل المفعول، إذ لن يتأخّر المجلس الدستوري في قبول مراجعة الطعن وإبطال العمل بمرسوم إصدار الموازنة.
وتشير المعلومات إلى أنّ اتصالات مكثفة جرت على أكثر من صعيد سياسي ونيابي، ركّزت على تجنّب الطعن بإصدار الموازنة بمرسوم، وذلك إفساحاً في المجال أمام الحكومة بأن تعمل بالمتوفّر لها في موازنة 2025، لأنّ قبول الطعن وإبطال العمل بقرار الحكومة سيعني حكماً فرملة عمل الحكومة. يضاف إلى ذلك أنّه كان في مقدور الحكومة أن تسحب مشروع الموازنة وتعدّله إلّا أنّ الوقت ضاغط جداً، والحكومة تحتاج إلى التفرّغ لأمور أخرى غير الموازنة، خصوصاً أنّ التفرّغ لإعداد موازنة جديدة يتطلّب أشهراً عديدة من العمل في مجلس الوزراء ثم في سلسلة طويلة من الجلسات في لجنة المال والموازنة، وبعدها في الهيئة العامة لمجلس النواب، فتكون الحكومة بهذه الحالة قد استنزفت واستنفدت نصف عمرها على هذا الأمر.