لبنان بين فكَّي كماشة؛ خاصرته الجنوبية تضربها التهابات حادّة بفعل الاعتداءات والاستفزازات الإسرائيلية المتواصلة التي تنكأ جرحها النّازف، فيما خاصرته الشرقية تعاني ورماً أمنياً تفاقمه رياح ساخنة آخذة في التكوّن والتجمّع في الجانب السوري وتضرب الجانب اللبناني من الحدود بين حين وآخر، على ما حصل في اليومَين الماضيَين، وتُنذر باحتمالات مقلقة. وأمام هذا الواقع، حكومة لا تُحسَد على وضعها، مضغوطة من كل جانب وتقف على مفترق ملفات وأولويّات لا تُحصى، لكلّ منها حسابات واعتبارات، وربما محاذير وتعقيدات، لا تحتمل التردّد أو التعثر والخطوات المتسرّعة، بل تستوجب الجرأة والحكمة والإقدام.
الإمكانات والقدرات!
داخلياً، واضح أنّ الحكومة تحاول أن تعجّل خطواتها في ما سمّته مسار الإنقاذ، ونظراً للتراكمات المزمنة، لا يختلف اثنان على صعوبة مهمّتها. المواطن اللبناني يرصد حركتها وينتظر ترجمة الوعود الحكومية التي قُطِعت. والعهد الرئاسي يراهن على إنجازات في مجالات مختلفة، ويُعوّل على تمكّن هذه الحكومة من تحقيقها سريعاً، والحكومة كما يبدو تملك إراداة العمل والانتاج، لكنّها تفتقر إلى الإمكانات والقدرات (خصوصاً في مجال إعادة الإعمار) التي يُقال إنّها مرهونة بشروط أبعد إصلاحات.
أتمّت الحكومة تعيين قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، ويُرجّح أن تُعيّن حاكماً لمصرف لبنان في جلسة مجلس الوزراء الخميس، على أن تكرّ سبحة التعيينات الإدارية الأخرى في وقت لاحق، وفق آلية لهذه التعيينات شرع مجلس الوزراء في البحث فيها في جلسة مجلس الوزراء أمس، على أن تقَرّ بصورة نهائية في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس.
لا بُدّ من آلية
أوضح مصدر وزاري لـ«الجمهورية» أنّ «آلية التعيينات مطلوبة منذ زمن طويل، ولو تمّ العمل فيها سابقاً لما وصل حال الإدارة إلى ما وصلت إليه من اهتراء وفساد»، ولفت إلى «أنّ جوهر الآلية خلاصته تُمكِّن الحكومة من تحقيق «تعيينات عادلة»، أساسها الأكفأ، الأكثر خبرة وجدارة، الأنظف سمعة ونزاهة، وصاحب الجعبة الخالية من الارتكابات، في المكان الوظيفي المناسب، لكن ليس المطلوب الاكتفاء بإقرار آلية تعيينات بل لعلّ ما يفوق إقرار الآلية على أهمّيته الكبرى، هو حسن تطبيقها بصورة سليمة ونظيفة بعيداً من المحاصصات والمداخلات والمحسوبيات. هنا يَكمن الامتحان الصعب، والكرة في هذا المجال هي ملعب السياسيِّين وعدم إخضاع التعيينات إلى مداخلات».