لولا بيان قيادة الجيش الحاسم حول الانتهاكات الاسرائيلية جنوبا، والتحذير من مخاطرها على الاستقرار والمنطقة، لظن اللبنانيون ان بلادهم تمر في حالة من الرخاء والاستقرار خصوصا ان الجلسة الحكومية بالامس لم تطرح الملف المتفجر من قريب او بعيد، كما لم تبصر التعيينات في جزئها الامني النور، كما كان يفترض، بعدما لم يكتمل التوافق على حسم اسم مدير عام الامن العام، فيما تم تبني موازنة 2025 كما اقرتها الحكومة السابقة وتم اصدارها بمرسوم، تتحضر بعض الجهات للطعن فيها. هذا الارباك في اخراج الموازنة الى النور دفع رئيس الحكومة نواف سلام الى تقديم تبريرات بعد الجلسة وتحدث عن تكليف وزير المال لمراجعة بعض الضرائب والرسوم، طالبا من اللبنانيين ان يحاسبوه على موازنة 2026. اما على الحدود الشرقية والشمالية فيبدو ان الامور تجاوزت مرحلة المناوشات اليومية ذات الطابع الطائفي لتتوسع الاشتباكات المسلحة في ريفي اللاذقية وطرطوس وتقترب من محيط مطار حميميم حيث تتمركز القوات الروسية، وسط غضب شعبي ترجم تظاهرات في المدن الساحلية اعتراضا على استهداف العلويين، فيما خرجت تظاهرات مناهضة للادارة السورية الجديدة في محافظة السويداء وسط انقسام درزي حيال كيفية التعامل مع الموقف المستجد من قبل اسرائيل التي اعلنت انها خصصت ملايين الدولارات لدروز سورية، وهو انقسام لم تسلم منه الطائفة في لبنان حيث يغرد الوزير السابق وئام وهاب خارج الاجماع الدرزي اللبناني.
وفيما تبلغت السلطات اللبنانية تحذيرات جدية من مصادر ديبلوماسية اوروبية حول ضرورة عدم اهمال الوضع على الحدود مع سورية في ظل عدم وضوح الصورة هناك، تبدو من اجواء الجلسة الحكومية امس ان الاصلاحات هي الهاجس والاولوية لدى الحكومة للحصول على المساعدات الخارجية. وقد تم تاجيل التعيينات الامنية الى الاسبوع المقبل، وفيما لم يتم بعد التوافق على اسم المدير العام للامن العام، علما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد ابلغ ان الاسم الذي اقترحه لا مشكلة عليه، اما قيادة الجيش فقد تم التوافق على تعيين العميد ردولف هيكل على راسها.
ميدانيا أصيب عدد من الاشخاص، امس إثر اطلاق جيش العدو النار باتجاه أشخاص كانوا يجمعون الخردة بين بلدتي تل نحاس وبرج الملوك في قضاء مرجعيون، ما أدى إلى إصابة عدد منهم، وحلق الطيران الاستطلاعي والمسّير الاسرائيلي بشكل كثيف في أجواء القطاعين الغربي والاوسط، وصولا حتى مشارف مدينة صور والساحل البحري… وقد حذر الجيش اللبناني، الخميس، من أن إمعان إسرائيل في اعتداءاتها يهدد استقرار البلاد وينعكس سلبا على أمن المنطقة. وقالت قيادة الجيش، في بيان، إن «العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على سيادة لبنان برا وبحرا وجوا، وآخرها سلسلة عمليات استهداف لمواطنين في الجنوب و (منطقة) البقاع (شرق) إلى جانب استمرار احتلاله لأراض لبنانية، وخروقه المتمادية للحدود البرية». وأضافت محذرة: إمعان العدو الإسرائيلي في اعتداءاته يهدد استقرار لبنان، وينعكس سلبا على الاستقرار في المنطقة، كما يتنافى تماما مع اتفاق وقف إطلاق النار.
انتهاك السيادة
وفي انتهاك صلرخ للسيادة اللبنانية، افادت قناة «اي 24» الصهيونية بأن جيش العدو يستعد لإدخال مئات اليهود للصلاة في قبر الحاخام راب آشي الموجود جزء كبير منه داخل الأراضي اللبنانية، ويقع ضريح الحاخام آشي المزعوم على تلة الشيخ العباد اللبنانية، وكان الجيش الإسرائيلي منع اليهود المتدينين من الوصول إلى المنطقة في شباط الماضي لأسباب أمنية، قبل أن يتراجع عن ذلك. وقام اليهود المتدينون على مدى أسبوع بترميم الضريح، وأصر هؤلاء على الدخول إليه لممارسة الصلوات فيه، وقذفوا قوات الجيش بالحجارة، مما جعل الشرطة تعتقل بعضهم.
تهور حكومة نتانياهو
وفي سياق الانتقادات الداخلية لتوجهات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، قالت صحيفة «هارتس» الصهيونية ان إسرائيل اصبحت تشبه شبكة السوبرماركت التي تدهورها إدارتها الفاشلة نحو الهاوية، ولكنها تواصل وتفتح المزيد من الفروع، وتبث أن كل شيء على ما يرام. وقالت ان « هذه الإدارة لن تسمح لـ “جهات معادية”، مثل لجنة تحقيق رسمية، بفحص سلوكها الذي استمر سنوات وتسبب بالضرر والدمار الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة. هي تشير إلى “الإنجازات الكبيرة” التي حققتها، مثل تصفية قادة حزب الله وحماس، وشخصيات إيرانية رفيعة وعلماء إيرانيين، وكأن في ذلك ما يقلل الخسارة الخيالية التي حدثت تحت قيادتها. هذه الإدارة تواصل خرق الاتفاقات بشكل فظ، التي هي نفسها صاغتها ووقعت عليها، وكأنها كانت بطاقات لا قيمة لها».
اقرار يخرق وقف النار
واقرت الصحيفة بان «إسرائيل» خرقت اتفاق وقف إطلاق النار بدعم من أمريكا، وما زال الجيش الإسرائيلي يحتفظ بعدد من «المواقع الدفاعية» في لبنان. ومثلما في غزة، فمن غير المعروف متى ستنسحب إسرائيل من هناك. آلاف سكان الشمال يأملون العودة إلى روتين الحياة، وترميم بيوتهم وحقولهم والعودة إلى المدارس. ولكن الشعور بالأمن الذي وعدوا به يشبه ما حصل عليه حتى الآن سكان غلاف غزة.
مغامرات اسرائيلية
وخلصت «هآرتس» الى القول» إمبراطوريات أكبر وأقوى من إسرائيل سبق واستخلصت الدرس التاريخي الصعب: الوجود العسكري في المناطق المحتلة لا يعتبر ضمانة للأمن. اما حكومة إسرائيل فتطمح إلى الإثبات أن إمبراطوريات أكبر منها أخطأت، ومن المؤسف أن مواطنيها هم من يدفعون التكلفة.