مقترح ترامب حول غزة هي معركة ديمغرافية ستزعزع المنطقة برمتها
الى ذلك، رأت مصادر مطلعة ان موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بترحيل الفلسطينيين من غزة هدفه احداث تغيير ديمغرافي يرافقه تغيير جغرافي. فاين سيذهب الفلسطينيون في حال تم طردهم من ارضهم؟ واشارت هذه المصادر انه في حال وافق العرب على الخطة الجهنمية التي وضعها ترامب وحصل التهجير فان المنطقة ستدخل في حروب مستمرة. بيد ان الديمغرافيا اذا تغيرت فالتقسيم سيكون العنوان التالي للمرحلة المقبلة. والحال ان الاردنيين الاصليين لن يقبلوا بوجود اعداد هائلة من الفلسطينيين في بلدهم كما ان اللبنانيين سيرفضون ايضا توافد فلسطينيين الى ارضهم وشعوب عربية اخرى ستتخذ الموقف ذاته. وبشكل اوضح، تقول المصادر المطلعة ان المعركة اليوم ليست غزة او الضفة الغربية بل هي معركة الغاء الهوية الفلسطينية كنقيض للهوية «الاسرائيلية». وهنا كشفت المصادر ان اميركا ستلجأ الى استخدام عصا الاقتصاد، سلاح السياسة والتهديد بالعقوبات لتنفيذ على الاقل قسم يتعلق الان بغزة. وخلال فترة تنفيذ المخطط الجهنمي «الترامبي» في غزة اذا سارت الامور كما يريد ترامب، فالعين ستكون على الضفة الغربية كمرحلة ثانية لتفريغها من الفلسطينيين ايضا بخاصة ان «اسرائيل» تدمر منذ سنة كل البنى التحتية في الضفة. ولا شك ان الاردن ولبنان سيدفعان ثمن المقترح الاميركي حيال غزة.
وفي النطاق ذاته، رأت اوساط سياسية مخضرمة ان ما اعلنه ترامب حول غزة هو استكمال للمشروع الصهيوني الاساسي والذي يقضي بتحقيق «اسرائيل الكبرى» وهذا يتطلب حتما تهجير الفلسطينيين. ولفتت الى ان ما يميز ترامب عن باقي الرؤساء الاميركيين هي وقاحته في قول الامور حيال قضية الشعب الفلسطيني المظلوم.
وفي هذا المجال، حذرت هذه الاوساط ان «المقترح الترامبي» بوضع قطاع غزة تحت السيطرة الاميركية وجعلها قطاعا دوليا هو رأس الجليد للمخطط الخبيث والسلبي الذي يحمله للمنطقة مشيرة الى ان شرق الاوسط الجديد بدأت ترتسم ملامحه والتي تصب كلها للمصلحة «الاسرائيلية».
انما في المقابل، الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بانه لن يحصل تطبيع مع «اسرائيل» طالما ليس هناك دولة فلسطينية، يضع الحل بترحيل الفلسطينيين في خانة المرفوض. وعليه، الموقف السعودي الثابت حيال القضية الفلسطينية الى جانب الرفض المصري والاردني بنقل الفلسطينيين الى ارضهم سيجبر ادارة ترامب بان يخضع مقترحها للنقاش وان لا يترجم كما يريده على ارض الواقع.
في سياق متصل، اعتبرت مصادر عسكرية لـ«الديار» ان المنحى الاميركي المتطرف بدعم «اسرائيل» سيبقي المنطقة في صراع دائم فضلا انه يحيي مشروعية المقاومة وكل من يتحلى بكرامة وكل من يريد مواجهة هذه المشاريع الظالمة بحق شعبه. والى جانب وجود حماس وحزب الله كمقاومة بوجه الاحتلال، رأت المصادر العسكرية ان المنطقة قد تشهد ولادة مقاومات جديدة ومقاربات جديدة في التصدي للاحتلال الصهيوني في المرحلة الجديدة.
لبنان والاردن سيدفعان الثمن اذا هجروا الفلسطينيين
الى ذلك، ومع دفع الرئيس الاميركي الى تهجير الشعب الفلسطيني من غزة اولا ولاحقا من الضفة الغربية، هناك دولتان ستدفعان ثمن هذا التهجير وهما لبنان والاردن للاسف.
على صعيد النسيج الاجتماعي اللبناني والاردني، هناك توزانات داخل المجتمع وليس اكثرية شمولية من طائفة واحدة او مكون واحد.
بداية، ولتوضيح الامور، قال باحث مخضرم في تاريخ المنطقة انه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، انشأت دول ذات وظيفة ومن بينهم الاردن ولبنان. فلبنان كانت وظيفته ان يكون دولة مسيحية في حين ان تكون وظيفة الاردن استيعاب الفلسطينيين.
اليوم، هناك شبه توازن بين الاردنيين وبين الادرنيين -الفلسطينيين ولكن في حال تهجير الفلسطينيين من غزة الى الدولة الاردنية فهذا الامر سيحدث خللا في الميزان الديمغرافي. وهذا الخلل له تداعيات اقتصادية، اجتماعية، معيشية والانكى من ذلك ان الاردن غير قادر على تحمل هذا الضغط بموارده البسيطة. وبذلك تكون وظيفة الاردن انتهت للاعتبارات التي ذكرناها.
اما لبنان كدولة مسيحية، فقد انهى اتفاق الطائف واتفاق الدوحة وظيفته واخذوا من المسيحيين الورقة القوية لتنتقل للطائفة السنية والشيعية وعندما حصل انقسام سني-شيعي، استعاد اللبنانيون المسيحيون بعضا من حقوقهم. ولكن اذا اتى عدد كبير من الفلسطينيين والذين هم من الطائفة السنية الى لبنان حاليا، فهذا الامر لن يحدث خلالا فقط في الديمغرافيا اللبنانية بل سيؤدي الى الاطاحة بالتوازن الديمغرافي القائم في لبنان.