على الأرجح ستكون للبنان حكومة جديدة يوم الجمعة المقبل، حسبما أكّد مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، متوقعاً ان يتمّ اختيار الأسماء وإسقاطها على الحقائب التي تركّز مشاورات التأليف على ان تكون توزعيتها مقبولة لدى الأطراف التي ستُمثل في التشكيلة الوزارية التي يُتوقع حتى الآن ان تكون من 24 وزيراً، الّا إذا ارتأى المعنيون توسيعها إلى 30 وزيراً إذا فرضت ضرورات التمثيل ذلك.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس المكلّف نواف سلام سيبدأ هذا الاسبوع بالتواصل الجدّي مع القوى السياسية والحزبية، معتمداً الأسلوب نفسه الذي حصل مع «الثنائي الشيعي»، وسط توقعات بإنجاز التشكيلة الحكومية وإصدارها قبل نهاية الأسبوع وتحديداً ما بين يومي الخميس والجمعة، وبحيث ستتصادف مع الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان للبنان التي كانت منتظرة قبيل إنجاز الإستحقاق الرئاسي، ولكنها أُرجئت في اللحظة الأخيرة إلى ما بعده. علماً أنّ الزيارة الخارجية الأولى لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ستكون للمملكة العربية السعودية يرافقه وفد وزاري موسع، وسيتمّ خلالها توقيع 22 اتفاقية تعاون بين البلدين على مختلف المستويات.
أرضية صلبة
في غضون ذلك، أكّدت مصادر سياسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ انطباعها هو انّه لا مفرّ في نهاية المطاف من اتفاق بين الرئيس المكلّف و»الثنائي الشيعي» على مسألة الانضمام إلى الحكومة. ولفتت المصادر إلى أنّ هناك مجموعة من الأمور التي تحتاج قبل ذلك إلى نقاش وتفاهم حتى تكون أرضية المشاركة والتعاون في الحكومة صلبة. وأشارت إلى انّ مشاركة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في البحث مع سلام يعطي قوة دفع لمحاولة التفاهم ويمنع تكرار اي التباسات كالتي حصلت أخيراً.
وأوضحت المصادر انّ هناك حرصاً لدى الرئيس المكلّف و«الثنائي» على التوافق في أقصر وقت ممكن، وبالتالي فإنّ هناك اتجاهاً نحو ولادة سريعة للحكومة بمعزل عن وتيرة تلك السرعة التي قد تتفاوت تبعاً للمسار الذي سيتخذه التفاوض بين سلام والقوى السياسية.
وإلى ذلك قدّرت مصادر سياسية عبر «الجمهورية» تذليل العقبات سريعاً وإنجاز عملية التأليف قبل نهاية الأسبوع الجاري، على أن يتمّ إعداد البيان الوزاري في مهلة قصيرة جداً، لأنّ المفاوضات الجارية حالياً تأخذ في الاعتبار عملية التأليف وبرنامج عمل الحكومة في آن معاً، خصوصاً في ما يتعلق بمطالب «الثنائي الشيعي» التي كانت في عطلة الأسبوع مدار نقاشات مكثفة مع الرئيس المكلّف، وصفتها المصادر بـ«الصريحة والمثمرة».
وقالت هذه المصادر إنّ هناك دافعين أساسيين إلى الاستعجال في التأليف: الأول هو الضغط الذي يمارسه الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب على سائر اللاعبين في الشرق الأوسط لإقفال بؤر الحرب وإطفاء الأزمات قبل توليه مقاليد الحكم رسمياً، المقرّر اليوم. ونجاح الاتفاق في غزة، على رغم من اعتراض قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف، يُعتبر أبرز العلامات في هذا الاتجاه. والثاني هو انتهاء مهلة وقف النار في الجنوب، الأحد المقبل، وحاجة لبنان إلى استكمال بناء مؤسساته الدستورية وآليات الحكم فيه، ليكون مؤهلاً لمواجهة هذا الاستحقاق البالغ الأهمية، والذي يمكن أن يفتح الباب لاحتمالات مختلفة.
وتعلّق المصادر أهمية على الوعود التي أطلقها الأميركيون والفرنسيون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال الاسبوع الفائت، للضغط على حكومة نتنياهو لالتزام إنهاء الحرب على جبهة لبنان، والجهود التي يراهن أهل الحكم على أنّ إدارة ترامب ستبذلها، من أجل احتواء الرغبات التوسعية الإسرائيلية.
لقاء آخر
وكان انعقد أمس لقاء آخر بين سلام ووفد من «الثنائي الشيعي»، قالت قناة «إل بي سي» انّه تمّ خلاله حسم أن تكون وزارة المال من «الحصة الشيعية» بحيث تتولّاها شخصية مقرّبة من «الثنائي» ولا تشكّل استفزازاً لأحد، على أن تُبت بقية الحقائب وأسماء الذين سيتولونها خلال الايام المقبلة. فيما نقلت قناة «الجديد» عن مصادر «الثنائي» قولها إنّ «الجوّ مريح بالنسبة إلى مشاركتنا في الحكومة والتواصل مفتوح مع الرئيس المكلّف». وأشارت إلى «اننا بتنا أقرب للوصول إلى اتفاق مع الرئيس نواف سلام، ولا عِقَد فعلية إنما تبادل أفكار تتطلّب بعض النقاش لكنها في الاتجاه الصحيح».
«القوات»
في هذه الأثناء قالت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية»، في بيان انّ «كل الأخبار المتداولة في الإعلام عن «القوات اللبنانية» حول نسبة حضورها وعدد وزرائها في الحكومة والحقائب التي ستؤول إليها والأشخاص الذين سيتمّ توزيرهم هي أخبار غير دقيقة، وعلى الرغم من أنّ موضوع التأليف هو موضوع الساعة نتمنى من وسائل الإعلام عدم الخلط بين التقدير المرتبط بشكل الحكومة وتوزيع التمثيل داخلها، وبين المعلومات التي نمتنع أقله على مستوى «القوات» التداول بها إعلامياً قبل أن يُستكمل مسار التأليف، ولذلك، كل ما يتمّ التداول به غير دقيق، وعندما تنضج الأمور يتمّ الإعلان رسمياً عن نتيجتها وحصيلتها».
مواقف
وفي المواقف، أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس الأحد، إلى أنّ «اللبنانيين يشعرون بالانشراح من جراء المبادئ التي سيعتمدها الرئيس جوزاف عون، ويعبّرون عن ثقتهم برئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، ويتمنون سرعة تشكيل الحكومة».
ولفت إلى انّ «رئيس الجمهورية تحدث عن الحياد الإيجابي، وهذا يؤمّن الازدهار ويساهم في السلام العالمي. والحياد لا يعني الضعف والدليل سويسرا، الحياد حاجة للبنان انطلاقاً من الميثاق الوطني لا شرق ولا غرب». وأكّد أنّ «لبنان ليس بلد الغلبة بل اكثر من بلد رسالة حرية وعيش مشترك مسيحي إسلامي، ولكي يكون مكان حوار ولقاء ينبغي أن يكون حيادياً ايجابياً، أي عدم الانحياز إلى كتلة من الكتل المتصارعة في العالم».
باسيل و«الحزب»
وانتقد رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل «حزب الله» في موقف ناري، حيث قال: «الآن توجد لدينا فرصة بعد كل الأحداث «البشعة» التي حدثت للأسف، من حرب لم نردها وقمنا بالتنبيه منها». وأضاف: «لم يسمعوا لنا لأنّهم مرتبطون بالخارج، لم يسمعوا للداخل لأنّ «دينة جوا مش سميعة»، بينما «دينة برا سميعة». وتابع: «ذهبوا بمشروع خارجي دمّرهم ودمّر البلد ودمّرنا جميعاً».
وبدوره متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قال في القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس وسط بيروت: «نشكر الله، نحن اللبنانيين، لأنّه استجاب طلباتنا فدبّت الحيوية في صفوف نوابنا، وانتخبوا رئيساً للجمهورية، ورئيساً لمجلس الوزراء، نأمل أن يشكّل حكومة تعمل بتناغم وعلم وجدّية على إخراج البلد من النفق المظلم إلى رحاب الحرّية والديموقراطية الحقيقية والحرّية والمساواة والمواطنة والتطور، متمنين لهم التوفيق والنجاح».