فيما الأنظار منصبة على الأيام الثلاثة الفاصلة عن استحقاق الانتخابات الرئاسية، يبقى اتفاق وقف النار هاجساً أساسياً لأركان السلطة والقوى المحلية وأركان اللجنة الخماسية، خصوصاً أنّ الأسبوع الفائت حمل إشارات ساخنة ومثيرة للقلق من طرفي النزاع. فقد حدّد وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يوم الأول من آذار المقبل موعداً ستعتمده حكومة بنيامين نتنياهو لإعادة سكان المناطق الشمالية إلى بلداتهم. ويأتي هذا الموعد بعد شهر تقريباً من الموعد المفترض لانتهاء مهلة الـ60 يوماً. وهذا الكلام يؤكّد ما سرّبته إسرائيل حتى اليوم، عن أنّها لا تريد الانسحاب من المنطقة التي تحتلها في نهاية المهلة، بذريعة أنّ «حزب الله» والجيش اللبناني «لم يلتزما» بنود الاتفاق.
ويترافق ذلك مع المعلومات التي تتردّد عن أنّ إسرائيل في صدد إبلاغ واشنطن موقفها بعدم الانسحاب. وهذا ما سيدفع الأميركيين إلى تمديد المهلة منعاً لعودة الحرب، شهراً أو أكثر، علماً أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من جهته كان حذّر الإسرائيليين من أنّ صبر «الحزب» قد ينفد، فربما «نصبر لمدة 60 يوماً، وربما أقل أو أكثر. فصبرنا مرتبط بقرارنا حول التوقيت المناسب الذي نُواجه فيه العدوان والخروقات الإسرائيلية. وهذا أمر تُقرّره القيادة».
وفي هذا الإطار، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنّه في حال لم ينسحب «حزب الله» اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني فلن يبقى اتفاق وقف إطلاق النار الحالي قائماً. وأضاف: «في هذه الحالة ستتحرك إسرائيل لإعادة سكان الشمال الى بيوتهم».
وأعلن موقع «واللا» الإسرائيلي نقلاً عن مصادر مطلعة انّ «الجيش الإسرائيلي سينسحب من رأس الناقورة خلال الأيام المقبلة وسيُسلّمه للجيش اللبناني بإشراف أميركي». واشار إلى أنّه «باستثناء الناقورة لن تنسحب إسرائيل من لبنان في نهاية 60 يومًا». وأوضح انّ «مغادرة الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان مرتبط بانتشار الجيش اللبناني والتطورات الميدانية». وأضاف: «الجيش لا يزال يسيطر على معظم القرى اللبنانية على الحدود، كما لا يزال في جميع القرى المحددة كمعاقل لحزب الله».
اختبار جديد
وفي السياق، أشارت أوساط «الثنائي الشيعي» إلى انّ عمل لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار سيدخل بدءاً من اليوم في اختبار جديد، خصوصاً انّ الرئيس نبيه بري كان قد تلقّى من الجانب الأميركي الذي يترأس اللجنة، تأكيدات بتفعيل دورها للتثبت من تطبيق كل الأطراف بنود الاتفاق، وذلك بالترافق مع زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لبيروت اليوم.
ولفتت الاوساط إلى انّه من المفترض أن تبدأ الخروقات الإسرائيلية بالتراجع ابتداء من هذا الأسبوع، وصولاً الى اكتمال انسحاب جيش الاحتلال من المنطقة الحدودية مع نهاية مهلة الـ60 يوماً، والّا فإنّ صدقية اللجنة ستكون على المحك.
المهلة كافية للانسحاب
وفي هذه الإطار، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية بقيت على تواصل مع هوكشتاين حتى الأمس القريب لـ«الجمهورية»، انّه لن تكون له أي مداخلة في ملف استحقاق انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وأنّه منصرف إلى معالجة الوضع الأمني الناشئ في الجنوب نتيجة الخروقات الإسرائيلية، وهو يعتبر انّها من نتاج تقصير الطرفين في توفير ظروف تحقيق ما قال به الإتفاق، وأنّه على ثقة بأنّ المهلة كافية لترتيب الوضع في الجنوب، ولم يجرِ تمديد الاحتلال الاسرائيلي للجنوب خارج المهلة المحدّدة، وانّ الوقت كاف لتنفيذ الاتفاق إن تمّ الإسراع في اتخاذ الإجراءات المقررة.