صحيح أنّ الرئيس نبيه بري إلتقط بعضاً من أنفاسه عقب التوصّل إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار بعد مفاوضات مضنية أصرّ خلالها على التدقيق في الفاصلة، لكنّ «المهمّة» لم تنتهِ بعد، وهناك فصول أخرى منها لا تزال في انتظاره.
بهذا المعنى، فإنّ الأولوية الملحّة حالياً إنّما تتمثل في إلزام العدو الإسرائيلي بتنفيذ الاتفاق وسط تكرار الخروقات النافرة له، وهذا ما كان موضع متابعة حثيثة لدى رئيس المجلس النيابي خلال الأيام الماضية. أمّا التحدّي الآخر الذي يستحوذ على اهتمام عين التينة، فهو إعمار ما هدّمه العدوان إلى جانب إعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية من خلال انتخاب رئيس الجمهورية.ويوضح الرئيس بري لـ«الجمهورية»، أنّ عدد الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار تجاوز الـ52 خرقاً، مشيراً إلى «أنّ هذه الخروقات هي انتهاك فاضح للاتفاق ومن غير المسموح استمرارها». ويكشف أنّ اتصالات تمّت مع الجهات الدولية المعنية لمعالجة تلك الانتهاكات الإسرائيلية، آملاً في أن يؤدّي اكتمال عقد لجنة الإشراف إلى وقفها، بعدما تستأنف عملها عند انضمام الجانب الفرنسي إليها».
وكيف يصف تجربة التفاوض التي خاضها لإنهاء الحرب؟
يلفت بري إلى أنّ هذه ليست المرّة الأولى، «إذ سبق لي أن خضتُ تجربة مماثلة عام 2006، لكنّ الفارق الوحيد والكبير هذه المرّة يكمن في أنّني افتقدتُ وجود ركن أساسي إلى جانبي هو الشهيد السيد حسن نصرالله».
أمّا على مستوى الاستحقاق الرئاسي، فيشير بري إلى أنّ لديه أملاً كبيراً في أن تفضي جلسة 9 كانون الثاني النيابية إلى انتخاب رئيس الجمهورية. ويؤكّد أنّ تحديد موعد الجلسة كان بمبادرة شخصية منه، في سياق التزامه بما سبق أن أعلنه قبلاً حول عزمه تحديد موعد لجلسة انتخابية فور التوصّل إلى وقف إطلاق النار، موضّحاً أنّه لم يُنسّق هذا الأمر مع أي جهة خارجية، «وحتى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لم يكن على علم مسبق بقراري عندما زار بيروت أخيراً».
ويؤكّد بري أنّ الرئيس المقبل سيأتي صناعة لبنانية «وأنا لا أقبل إلّا أن يكون كذلك مهما بدا أنّ هناك تدخّلات خارجية في هذا الاستحقاق»، مشيراً إلى أنّه كان قد أبلغ إلى أعضاء اللجنة الخماسية بأنّه يأمل منهم في أن «يساعدونا على ما نريد نحن وليس ما يُريدون هم».
ويلفت بري إلى أنّ الجهد سيتركّز خلال الفترة الفاصلة عن تاريخ الجلسة في اتجاه السعي إلى التوافق على رئيس مقبول من أوسع مروحة نيابية ممكنة، «لكن حتى لو لم يحصل التوافق فأنا ماضٍ حتى النهاية في عقد الجلسة»، معتبراً أنّ الأولوية هي لمحاولة تأمين تفاهم على اسم يستطيع نيل 86 صوتاً، حتى يبدأ عهده قوياً ومحصّناً بالتفاف وطني واسع حوله.
وحين يُسأل بري عن طبيعة مقاربة الثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» لمواصفات الرئيس المقبل، يوضّح أنّ ليس بالضرورة أن يكون قريباً من الحركة و»حزب الله»، «لكن المهمّ ألّا يكون معادياً لهما ولا لأي مكوّن آخر».
وهل لا يزال سليمان فرنجية ضمن الأسماء المرشحة؟ يجيب بري: «معلوم».. وهو عماد المرشحين، إذ ليس هناك ما يمنع أن يتمّ التوافق عليه، خصوصاً أنّه لا يُقدّم نفسه كمرشح تحدٍّ.
وهل دينامية انتخاب الرئيس ستنسحب على تشكيل الحكومة المقبلة؟
لا يستبعد بري ذلك، معتبراً أنّه من الممكن تشكيل حكومة جديدة بعد شهر فقط من ولادة الرئيس إذا جرى انتخابه بالتوافق.
وعندما يُسأل بري على سبيل «المزاح المشفّر» عمّا إذا يتوقع أن يكون رئيس الحكومة المقبل طويلاً أم قصيراً، يردّ ضاحكاً: «طويل…».