خطط خبيثة
وفيما بدأ الجيش تعزيز قواته جنوبا، وسير دوريات لحفظ الامن تمهيدا للانتشار على الحدود، عبرت مصادر سياسية عن قلقها ازاء ما نقله زوار السفارة الاميركية في بيروت من كلام عن رؤية واشنطن المستقبلية للواقع اللبناني، ووصفته بالخطط الخبيثة والخطرة، لانه يتلاقى مع تسريبات اسرائيلية تتحدث عن الواقع الذي يفترض العمل عليه على الساحة اللبنانية لأضعاف حزب الله.
اضعاف حزب الله
وتقوم الخطة على تحييد حزب الله تماماً، بمساعدة الولايات المتحدة ودول أخرى، من خلال العمل على تعزيز قدرات الدولة وإضعاف مكانة الحزب تحضيرا لمرحلة تتمكن اسرائيل في المستقبل من التوقيع على اتفاق سلام مع لبنان مستقر؟!
استغلال اعادة الاعمار
ووفق تلك المصادر، فان الخطر الآني يرتبط بمسألة اعادة الاعمار، ولمنع حزب الله من أعادة بناء مكانته من خلال مصادره المالية، ينبغي ضمان ألا تنقل المساعدات الدولية إلا عبر الحكومة اللبنانية. وهكذا يمكن المساهمة في مسيرة تعزيز الدولة، ومنع ايران من تقديم المساعدة المالية لبيئة الحزب الحاضنة.
التدخل بالملف الرئاسي
ولم يغب الملف الرئاسي عن اهتمام صناع القرار في اسرائيل وواشنطن، وتحت عنوان استغلال ما يعتقدون انه» ضعف» واضح لحزب الله، بما في ذلك تصفية سلسلة قيادته، سيكون ممكناً تحريك مسيرة سياسية تتيح انتخاب رئيس وحكومة جديدة، بعيدا عن نفوذ الحزب، وهذا لا يمكن ان يحصل عبر اللاعبين اللبنانيين المناهضين لحزب الله، وانما بمساعدة لاعبين خارجيين مؤثرين. والاهم لنجاح كل ما سبق انه لا ينبغي لإسرائيل أن تكون متدخلة بشكل ظاهر، لان هذا التدخل سيفشل المهمة في مهدها، ولهذا فان الاتكال سيكون على واشنطن ومعها دول عربية مؤثرة!
المعركة القاسية؟
وفي هذا السياق، اكدت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية ان ما ينتظر حزب الله هو معركة قاسية في الساحة الداخلية، التي يجب عليه فيها إعادة بناء مكانته لاستخدامها كرافعة سياسية مثلما فعل بعد حرب لبنان الثانية وقبلها بفترة طويلة. ووَفق الصحيفة، على الحكومة اللبنانية أن تستعد لمواجهة مقاتلي حزب الله بشكل مباشر، فهو الجسم العسكري الأكبر في الدولة، بل هو من يمثل أغلبية السكان الشيعة. وهذه المهمة تحتاج إلى تغيير عميق للبنية السياسية في لبنان.
ضغط اميركي على الرياض؟
وفي هذا السياق، كشفت الصحيفة ان الاجتماع المقبل لدول الخماسية التي تضم السعودية، قطر، ومصر، والولايات المتحدة، وفرنسا، سيناقش السبل المتاحة لاحداث تغيير سياسي في لبنان. وستحاول واشنطن الضغط على السعودية لاقناعها بالمشاركة بشكل جوهري في إعادة الاعمار، لتخفيف النفوذ الايراني في الساحة اللبنانية. تجدر الاشارة الى انه من المتوقع ان يعلن حزب اليوم الاليات المفترضة لعملية التعويض والايواء المؤقت واعادة الاعمار.
انتشار الجيش
ميدانيا، تعرض وقف إطلاق النار في يومه الثاني لخروقات إسرائيلية فاضحة، على الحدود وفي الجو، وسط ضبابية في آلية عمل لجنة المراقبة. وفي موازاة ذلك، بدء تعزيز انتشار الجيش في قطاع جنوب الليطاني بعد البدء بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وباشرت الوحدات العسكرية تنفيذ مهماتها في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، بما في ذلك الحواجز الظرفية، وعمليات فتح الطرقات وتفجير الذخائر غير المنفجرة. تأتي هذه المهمات في سياق الجهود المتواصلة التي يبذلها الجيش بهدف مواكبة حركة النازحين، ومساعدتهم على العودة إلى قراهم وبلداتهم، والحفاظ على أمنهم وسلامتهم.
الخروقات الاسرائيلية
وفي الخروقات اطلق جيش الاحتلال، قذيفة باتجاه أطراف بلدة عيتا الشعب ورشقات نارية باتجاه أطراف بلدتي مارون الرأس وعيترون. وحصل اطلاق نار على الاهالي الذين يحاولون الوصول الى منازلهم على اطراف مدينة بنت جبيل من قبل الجنود الاسرائيليين المتمركزين في مارون الراس. واستهدف جيش الاحتلال ايضا ساحة بلدة الطيبة، وبلدة الخيام وسهل مرجعيون بالقذائف المدفعية، كما سمعت رشقات رشاشة في الخيام. في السياق ذاته، سجلت غارتان من طيران حربي على منطقة قعقعية الصنوبر قضاء صيدا. وزعم جيش الاحتلال انه استهدف مخزن صواريخ متوسطة المدى لحزب الله، وذكرت وكالة «اكسيوس» الاميركية ان اسرائيل ابلغت واشنطن بالغارة قبل تنفيذها؟! وجرح شخصان في بلدة مركبا، جراء استهداف ساحة البلدة، كما أطلقت دبابة ميركافا قذيفة على بلدة الوزاني. واستهدفت دبابة اسرائيلية أيضاً اطراف كفرشوبا بقذيفتين، كما استهدفت منطقة راس الضهر غرب ميس الجبل. كذلك حلقت المسيرات الإسرائيلية في أجواء الجنوب في خرق واضح للاتفاق.
متى تلتزم اسرائيل؟
وفي هذا السياق، اقرت مصادر ديبلوماسية بان الاتفاق لا يجيز لإسرائيل التعامل بالنار على ما تعتبره خرقا للاتفاق، انما هناك لجنة اشراف والية لها تحدد الخروقات وتبلغ الأطراف حوله، وهذا ما تركز عليه الاتصالات الحالية، في ظل توقعات بألا يتم الالتزام بشكل صارم قبل انسحاب جنود الاحتلال من الاراضي اللبنانية وانتشار الجيش. لكن ما تفعله إسرائيل حاليا هو منع سكان القرى والبلدات القريبة من أماكن وجود الجيش الاسرائيلي من العودة لتفقد منازلهم في المنطقة.
تهديدات نتانياهو
وفيما قررت الجبهة الداخلية في إسرائيل، تخفيف القيود المفروضة في منطقة الشمال، عقد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو مشاورات أمنية مساء امس بشأن جميع الجبهات، وحاول تهدئة الغضب في المستوطنات بالقول «لم أقل إن ما يجري في لبنان هو وقف للحرب بل وقف لإطلاق النار وقد يكون قصيرًا» واضاف «سنستغل وقف إطلاق النار في لبنان من أجل التسلح وتصنيع السلاح بشكل واسع».
غضب في مستوطنات الشمال
في هذا الوقت، ارتفعت الأصوات المعارضة في إسرائيل للاتفاق، بخاصة من قبل رؤساء المستوطنات في الشمال، وطالب هؤلاء بالقضاء على حزب الله وفق وعود قدمها نتنياهو لهم في بداية الحرب، بينما يطرح اخرون انشاء منطقة عازلة داخل لبنان لمنع الهجمات، ويتحدث قادة المستوطنات عن هزيمة إسرائيلية في الشمال. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن جنود احتياط قاتلوا في لبنان بانهم محبطون من اتفاق اطلاق النار مع حزب الله، وقالوا للصحيفة ان لا وجود للنصر المطلق الذي تحدث عنه نتنياهو. وأضاف الجنود للصحيفة ان اللبنانيين يعودون الى بيوتهم بينما سكان الشمال يعيشون في الفنادق، وان سكان الشمال لم يحصلوا على الامن الذي يستحقونه.
الاتفاق المخزي
من جهته قال رئيس مجلس مستوطنة المطلة «إن هذا الاتفاق مخز وسيكون هنا هدوء لأشهر وسنوات مقبلة ولكن سيحدث هنا 7 أكتوبر جديد في المستقبل، واعتقد ان حكومة نتنياهو اضاعت فرصة تاريخية للقيام بشيء مختلف في لبنان، وللأسف الشديد لم تحول الحكومة إنجازات الجيش المذهلة الى اتفاق جاد يجلب الهدوء ليس فقط لسكان الشمال بل لكل إسرائيل. من جهته، قال عضو الكنيست عن الليكود موشيه سعادة «إن إسرائيل باعت إنجازاتها العسكرية بثمن بخس لشراء هدوء وهمي.