اشتهر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بتوسيع دائرة مستشاريه عند اتخاذ قرارات التوظيف. ومع بدء فريقه عملية الانتقال الرئاسي، يتصل ترامب بأصدقائه ومعارفه للحصول على مشوَرتهم حول من يجب أن يكون جزءاً من إدارته، التي يؤكّد أنّها ستعيد تشكيل الحكومة الفيدرالية جذرياً. لكن هناك مجموعة من المساعدين والمستشارين، بعضهم عمل في إدارته الأولى والبعض الآخر من الوافدين الجدد، الذين لهم تأثير خاص مع بدء الرئيس المنتخب في اختيار مجلس وزرائه وتحديد جدول أعمال إدارته.
تضمّ المجموعة بالطبع نائب الرئيس المنتخب، جي دي فانس. ومن بين الشخصيات الأخرى الأقل شهرة التي تؤثر على ترامب، هناك مسؤولون تنفيذيّون بارزون في عالم الأعمال وعاملون في الحزب الجمهوري.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، بدأت المجموعة في مواجهة الاختلافات الإيديولوجية داخل الحزب – ونزعات ترامب – إذ بدأوا في اتخاذ قرارات التعيين، بما في ذلك تعيين النائبة إليز ستيفانيك، الجمهورية من نيويورك، كسفيرة في الأمم المتحدة وتوماس د. هومان كـ«قيصر» الحدود.
وأوضحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم فريق الانتقال الرئاسي الخاص به: «سيبدأ الرئيس المنتخب ترامب قريباً في اتخاذ قرارات حول مَن سيخدم في إدارته الثانية. سيُعلن عن هذه القرارات عند اتخاذها».
في ما يلي بعض الشخصيات الرئيسية التي يجب مراقبتها، وهم يستغلون تأثيرهم في توجيه الإدارة المقبلة.
إيلون ماسك
بعد استثمار أكثر من 100 مليون دولار في حملة ترامب، اكتسب الملياردير إيلون ماسك تقارباً كبيراً إلى الرئيس المنتخب. كان ماسك متواجداً في منتجع مارآلاغو، نادي ومنزل ترامب في فلوريدا، الأسبوع الماضي، عندما بدأ الرئيس المنتخب اجتماعات الانتقال الرسمية الأولى.
الأربعاء، سلّم ترامب الهاتف إلى ماسك أثناء حديثه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. كما أكّد ترامب أنّه يُريد ماسك في دور يُركّز على خفض الإنفاق الحكومي.
في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد، عبّر ماسك عن استعداده للتدخّل في صراع قيادي مهمّ في الكونغرس، فدعم السيناتور ريك سكوت كزعيم للأغلبية، في حين انتقد السيناتور جون ثون، الجمهوري من ساوث داكوتا، باعتباره «الخيار الأفضل للديمقراطيِّين».
لدى ماسك أيضاً ما يكسبه من ترامب؛ فهو متعاقد رئيسي مع الحكومة، ويعتمد البنتاغون بشكل كبير على شركته «سبيس إكس»، وسعى إلى وضع بعض موظفيه في وظائف حكومية.
سوزي وايلز
أول إعلان عن وظيفة بعد الفوز بالانتخابات، كان تعيين وايلز، وهي عضو مخلص في دائرته المقرّبة، كرئيسة لموظفي البيت الأبيض. وستكون وايلز أول امرأة تتولّى هذا المنصب، وهي المديرة الوحيدة لحملة ترامب التي أكملت دورة الحملة الانتخابية كاملة.
كخبيرة استراتيجية سياسية من فلوريدا، اكتسبت وايلز احترام قادة حركة MAGA، بينما حافظت على علاقات مع الجمهوريّين التقليديّين. وعملت في إحدى حملات رونالد ريغان الرئاسية وفي إدارته. وفي السنوات الأخيرة، ساعدت سكوت على الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ بفلوريدا، وعملت مع رون دي سانتيس عندما فاز بسباق حاكم فلوريدا في 2018. بصفتها رئيسة لموظفي ترامب، ستتولّى وايلز قيادة تنفيذ جدول أعماله.
هوارد لوتنيك
لوتنيك، الرئيس التنفيذي الملياردير لشركة «كانتر فيتزجيرالد» في وول ستريت، هو من الأسماء المطروحة لتولّي منصب وزير الخزانة. لكن بصفته الرئيس المشارك لفريق انتقال ترامب، فقد تولّى بالفعل مهمّة تحديد 4000 توظيف للإدارة الجديدة.
قضى لوتنيك، الذي زار مارآلاغو بعد الانتخابات، وقتاً في جمع إيرادات من المانحين الجمهوريّين والمديرين التنفيذيّين المحتملين لشغل المناصب. وقد استشار شخصيات مالية بارزة مثل ستيفن أ. شوارزمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة «بلاكستون»، ومؤسس شركة الوساطة المالية تشارلز شواب.
وأكّد لوتنيك على الإحالات للإدارة أثناء مقابلة مع CNN في 31 تشرين الأول: «لدينا الكثير من المرشحين. نحن مجهزون للغاية. أشعر براحة كبيرة».
كان لوتنيك ديموقراطياً مسجّلاً لفترة طويلة، لكنّه يرى بأنّ الحزب ابتعد عن مصالحه، ممّا جعله ينضمّ إلى الجمهوريّين. وأثار دوره في اختيار موظفي الإدارة الجديدة مخاوف بين مراقبي الأخلاقيات، إذ لا يزال لوتنيك يدير شركات تقدّم خدمات لعملاء شركات، ومنصات تداول، ومشاريع عقارية في أنحاء العالم، التي تنظّمها وكالات يُعيَّن مسؤولوها من قِبله.
ستيفن ميلر
كان ميلر مهندس سياسة الهجرة الخاصة بترامب خلال إدارته الأولى، ويظل مقرّباً من الرئيس المنتخب. ولديه خطط لفرض المزيد من التشدّد في قضايا الهجرة.
بصفته مساعداً سياسياً وكاتب خطب سابقاً، يُخطّط ميلر لتنفيذ ما يسمّيه ترامب «أكبر برنامج ترحيل في تاريخ أميركا» باستخدام الجيش وتطبيق القانون المحلي لدعم ضباط الهجرة الفيدراليّين. وسيلعب ميلر دوراً رئيساً في اختيار مَن سيشغلون المناصب المتعلقة بسياسة الهجرة.
سيتعاون من كثب مع هومان، المدير السابق الموقت لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) في عهد ترامب. كان هومان من المسؤولين الذين دعموا سياسة «عدم التسامح» لترامب على الحدود، التي أدّت إلى فصل الآلاف من عائلات المهاجرين. وأوضح في برنامج «60 دقيقة» الشهر الماضي، أنّ الإدارة الجديدة لترامب ستبدأ في تنفيذ مداهمات واسعة في أماكن العمل، يمكن أن تؤدّي إلى اعتقال عمّال غير مصرّح لهم.
خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ساعد ميلر في قيادة عملية تطهير كبار المسؤولين في الأمن الداخلي، الذين لم يلتزموا برأيه وترامب بالسياسات المتعلقة بالهجرة. وهو الآن أحد مساعدي ترامب المكلّفين بتقييم المحامين المحافظين القادرين على تنفيذ سياسات ترامب.
ستيف ويتكوف
ويتكوف، مطوّر عقاري وشريك في لعب الغولف للرئيس المنتخب، كان متبرّعاً للجنة العمل السياسي التابعة لترامب. كما شهد في محاكمة ترامب بتهمة الاحتيال المدني هذا العام، وكان يلعب الغولف مع ترامب في مارآلاغو خلال المحاولة الثانية لاغتيال حملة الرئاسة.
ساعد ويتكوف في ربط ترامب بروّاد الأعمال الذين يقودون مشروعه الجديد في العملات المشفّرة. وأعلن الرئيس المنتخب أنّ ويتكوف سيكون رئيساً للجنة تنصيبه إلى جانب كيلي لوفلر، السيناتور السابقة من جورجيا.
وتعرّضت اللجنة الافتتاحية الأولى لترامب إلى التدقيق بسبب إنفاقها. إذ اتفق ترامب وعائلته ولجنة تنصيبه في عام 2017 على دفع 750,000 دولار لتسوية دعوى قضائية رفعها المدعي العام لمقاطعة كولومبيا، الذي ادّعى أنّ فندق ترامب الدولي في واشنطن تلقّى مدفوعات مفرطة بشكل غير قانوني من اللجنة.
تعيين «قيصر الحدود» بمهام واسعة
أعلن ترامب في وقت متأخّر من مساء الأحد، أنّه عيّن توماس دي. هومان، مسؤولاً كبيراً في شؤون الهجرة في إدارته السابقة، ليكون «قيصر الحدود» المسؤول عن حدود البلاد وأمنها البحري والجوي.
وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي، «تروث سوشال»: «أعرف توم منذ فترة طويلة، ولا يوجد أحد أفضل منه في مراقبة وضبط حدودنا. بالمثل، سيتولّى توم هومان مسؤولية ترحيل جميع الأجانب غير الشرعيِّين إلى بلدهم الأصلي».
جعل ترامب من التضييق على الهجرة ركيزة أساسية في حملته الانتخابية الرئاسية، لكن لا يزال من غير الواضح كيف سيكون شكل ذلك، أو ما تعنيه رئاسته للمهاجرين في الولايات المتحدة.
عُيِّن هومان مديراً موقتاً لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في عام 2017، ولديه عقود من الخبرة في تطبيق قوانين الهجرة. عمل كضابط شرطة، ووكيل لدوريات الحدود الأميركية، ووكيل خاص مع هيئة الهجرة والجنسية السابقة.
ستيفانيك سفيرة لدى الأمم المتحدة
عرض ترامب على النائبة إليز ستيفانيك، جمهورية من نيويورك، دور سفير لدى الأمم المتحدة في إدارته المقبلة.
تمثل ستيفانيك دائرة في شمال ولاية نيويورك في مجلس النواب، وتُعدّ عضواً في قيادة الحزب الجمهوري في المجلس، وكانت داعمة قوية لترامب. وأبلِغ عن قراره بتعيينها لهذا المنصب في وقت سابق من قبل CNN.
وافقت ستيفانيك، البالغة من العمر 40 عاماً، على العرض، بحسب مكتبها. علماً أنّها برزت كحليف رئيسي لترامب خلال إجراءات مساءلته الأولى. كانت تشغل منصب رئيسة المؤتمر الجمهوري في مجلس النواب، لكنّها تمتلك خبرة قليلة في السياسة الخارجية والأمن القومي. وخدمت في لجنة القوات المسلّحة في مجلس النواب ولجنة الاستخبارات الدائمة في مجلس النواب.
كانت مؤيّدة بارزة لإسرائيل، ولعبت دوراً بارزاً في جلسات الاستماع في الكونغرس التي أدّت إلى استقالات العديد من رؤساء الجامعات بسبب تعاملهم مع الاضطرابات في الجامعات، عقب الهجوم الذي شنّته «حماس» على إسرائيل والحرب اللاحقة في غزة.
كما تركت انطباعاً قوياً لدى ترامب منذ سنوات، بدفاعها الصريح عنه خلال محاكمته الأولى في مجلس النواب. وفي بيان، وصفها ترامب بأنّها «مقاتلة من أجل أميركا أولاً، قوية وصارمة وذكية».
يبدو أنّ الجمهوريّين في مجلس النواب في طريقهم إلى تحقيق أغلبية ضيّقة في الكونغرس، وقد تجعل مغادرة ستيفانيك هذه الأغلبية أضيَق، حتى تجري انتخابات لاختيار من سيحل محلّها في ما يُعتبَر دائرة آمنة للحزب.
لم يتضح بعد ما إذا كان ترامب سيتمكن من استقطاب مخلصيه في مجلس النواب. فالجمهوريّون يَسيرون حالياً في طريقهم للحفاظ على أغلبيتهم، لكن بفارق ضئيل مشابه للوضع الحالي، ممّا صعّب عليهم السيطرة على المجلس. في العام المقبل، من المتوقع أن يقدّموا نتائج تشريعية كبيرة نتيجة لتوحيد السلطة الحزبية في واشنطن.
كانت ستيفانيك، أول حليف لترامب من مجلس النواب يُعلَن عنه كاختيار لمجلس الوزراء، إذ وضعت نفسها منذ فترة طويلة في موقع للترقي في إدارة ترامب. لكنّ وضعها قد يكون صعباً بشكل خاص. ففي ولاية نيويورك، من المرجّح أن تنتظر الحاكمة كاثي هوشول، الديموقراطية، أطول فترة ممكنة قبل أن تعلن عن انتخابات خاصة لشغل مقعدها.
عبّر إيلون ماسك، الملياردير والداعم الكبير لترامب، عن تحفظاته بشأن تعيينها على منصة «X»، بناءً على الهوامش الضيّقة للسيطرة التي يتوقعها في مجلس النواب.
كتب ماسك على منصة التواصل الاجتماعي: «إليز رائعة، لكن قد يكون الأمر محفوفاً بالمخاطر التخلّي عنها في المجلس، على الأقل في الوقت الحالي».