ميدانياً، عاصفة الدمار الاسرائيلي، تواصل ضربها لكلّ البلدات الجنوبيّة من دون استثناء؛ دمار هائل، ونسف كامل لكل مقومات الحياة، ومجازر رهيبة بحق المدنيين، وصولاً الى بيروت والضاحية الجنوبية التي تتعرض لمسلسل تدميري يومي ممنهج، وتركّزت في الساعات الأخيرة على مدينة صور، وفي موازاتها معارك ضارية على تخوم البلدات الحدودية بين الجيش الاسرائيلي و«حزب الله»، الذي لوحظ في الساعات الاخيرة أنّه كثف عملياته ورشقاته الصاروخية وتوجيه مسيّراته على تجمعات جيش الاحتلال وقواعده ومواقعه العسكرية وكافة مستوطنات الشمال وصولاً الى العمق الاسرائيلي في صفد وعكا، وحيفا وخليجها، وتل ابيب.
تؤشّر الوقائع الحربية المتسارعة، إلى أن لا مكان حالياً للمساعي السياسية والديبلوماسية، وتقديرات المحللين والخبراء العسكريين تركّز على رصد الميدان وتغلّب فرضية التصعيد، وخصوصاً في الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية، التي تجمع تلك التقديرات على أنّها فترة حرجة تنطوي على مخاطر كبيرة جداً، ربطاً بالتهديدات المتتالية التي يتناوب عليها المستويان السياسي والعسكري في اسرائيل، في اتجاه تكثيف الضربات ضدّ «حزب الله» لإرغامه على الانكفاء الى شمال نهر الليطاني، وكذلك في اتجاه ايران والحديث عن أنّ الضربة الاسرائيلية رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني.
على الجبهة الايرانية، لحظة الاشتعال واردة في اي لحظة، وخصوصاً انّ اسرائيل تشيع بأنّ الضربة على ايران باتت قاب قوسين او أدنى، لا بل هي واردة في أيّ لحظة. ووزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت كرّر الحديث عن ضربة قاسية ومؤلمة لإيران، وقال لأفراد القوات الجوية الاسرائيلية في قاعدة «هاتزيري» بالأمس: «بعدما نهاجم ايران سيفهم الجميع ما تدربتم عليه».
وامّا على جبهة لبنان، فليس خافياً انّ اسرائيل حققت بطيرانها الحربي تفوقاً تدميرياً هائلاً للقطاعات والبنى المدنية، وفي ارتكاب المجازر الفظيعة في مختلف المدن والقرى اللبنانية. إلّا أنّ تقديرات الخبراء العسكريين تؤكّد انّ كل ذلك لم يمنحها قدرة الحسم في الميدان، ومن هنا، وكما يقول مصدر أمني مسؤول لـ«الجمهورية»، «إسرائيل تواصل حربها سعياً لتحقيق إنجاز على الارض تستثمر عليه في مفاوضات الحل الديبلوماسي، فجيشها منتشر من الناقورة حتى مزارع شبعا و7 فرق مسخّرة لعملية برية منذ ما يزيد على الأسبوعين، من دون ان تحقق حتى الآن خرقاً نوعيّاً يمنع «حزب الله» من إطلاق صواريخه على المدن والمستوطنات الاسرائيلية، بل بالعكس يتكبّد خسائر كبيرة بمعدّل 20 اصابة يومياً في صفوفه باعتراف الجيش الاسرائيلي، الذي يغطي ذلك بتكثيف الغارات على البنى المدنية».
قلق من الحزب
إلى ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي «اننا نستعد لأسابيع قليلة أخرى من العمليات البرية بجنوب لبنان لإكمال مهمتنا».
واشارت الصحيفة الى أنّ «حزب الله» لا يزال ينجح في تعطيل الحياة تماماً في الشمال، وفرض روتين صفارات الإنذار في الوسط». وقالت: «من الواضح أن وُجهة «حزب الله» هي حرب استنزاف، حيث انّه على الرغم من الضربات التي تلقاها، فإنّه ليس لدى رجال الاستخبارات العسكرية شك في أنّ عملية التعافي في صفوفه قد بدأت بالفعل».
وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية، «أن الأهداف التي قصفتها إسرائيل في لبنان في الأيام الأخيرة كلها مهمّة، ولكنها بعيدة كل البعد عن إحداث تغيير في قواعد اللعبة، معتبرة أنّه لا يوجد سبب عسكري قوي بما يكفي لمواصلة الحرب، إذ أنّ نطاقه يقتصر حالياً على ما بعد الأسبوع المقبل أو نحو ذلك»، وسألت: «هل سيستمر نتنياهو في غزو لبنان إلى ما بعد يوم الانتخابات على أسس سياسية أكثر منها عسكرية»؟
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة «معاريف» العبرية: «يجب ان نبقى حذرين ونترك الغطرسة، فـ«حزب الله» ليس «حماس»، وقدراته ليست محدودة، حيث انّه يمتلك قدرات هائلة، وعلى الرغم من أنّه شارك في القتال إلى جانب سوريا، إلّا أنّه لم ينكسر بل على العكس انتصر، وعلى الرغم من الضربات الإسرائيلية فإنّ «حزب الله» لم يهلك ولم يتمّ تدميره والقضاء عليه ولم يقل كلمته الأخيرة بعد».