في الميدان السياسي، فإنّ الملف المتقدّم، هو الملف الإنساني، الذي استوجب حراكاً حكومياً مكثفاً لتوفير متطلّبات الحجم غير المسبوق من النازحين، وتدارك أي إشكالات يمكن أن تحصل في نقاط النزوح. فيما عادت سائر الملفات الداخلية وفي مقدّمها الملف الرئاسي إلى التموضع في المقعد الخلفي خارج مائدة المتابعات، وذلك بعد فشل المحاولة الأخيرة لتحريكه في اتجاه الحسم الايجابي بانتخاب رئيس للجمهورية.
وما يجري من حراكات على هذا الصعيد لا يعدو أكثر من حفر في صخر صلب. وضمن هذا السياق، تطوّع «تكتل الإعتدال» بتحرّك على «الكتل التي يوجد بينها تقاطع في الأفكار، بهدف الإجماع على اسم شخصية إنقاذية وسيادية تحظى بشبه توافق عام بين المكوّنات كلها للخروج من هذا المأزق».
أمّا على خطّ الأولويات الاخرى التي فرضتها تطوّرات العدوان الإسرائيلي، فإنّ الأمور تراوح على خط النار، فوق الدمار الشامل الذي عمّمته إسرائيل على أجزاء كبيرة من لبنان في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. فيما «اللغة الديبلوماسية التي يمكن أن يُعوّل عليها لوقف حرب إسرائيلية بلا خطوط حمراء ضدّ المدنيّين، ما زالت معطّلة، وفق ما كشف مسؤول كبير لـ«الجمهورية»، الذي أشار إلى «أنّ حركة الاتصالات والمشاورات مستمرة على أكثر من خط دولي، إلّا أنّها لم ترقَ حتى الآن إلى جدّية يُبنى عليها، وهذه الجدّية لا يبدو أنّها قد تتبدّى في المدى المنظور، وخصوصاً في ظل ما يبدو أنّه انكفاء دولي متعمّد عن ممارسة أيّ جهد ضاغط لوقف الحرب أو لوضع عوائق أمام السلوك التدميري الذي تنتهجه إسرائيل».
ولفت المسؤول عينه إلى «أنّ الأميركيّين لا يبدون مستعجلين لفتح المسار السياسي، ففي النقاش معهم يركّزون على أولوية الحل الديبلوماسي كسبيل لإعادة السكان على جانبَي الحدود، وهو ما سيشكّل أساساً لتحرّك ستطلقه الولايات المتحدة الأميركية، من دون أن يقدّموا أي التزام بموعد معيّن لانطلاق هذا التحرّك في المدى المنظور، لا على أساس المبادرة الدولية التي رعتها واشنطن وباريس ووقّعت عليها مجموعة من الدول، مع أنّهم ما زالوا يقولون أنّهم متمسكون بها. ولا على أساس أي طرح آخر لوقف اطلاق النار».
وأكّد «أنّ الجلي وبكل وضوح في الموقف الأميركي هو أنّهم يراقبون تطوّرات العملية البرية لجيش العدو، وما يمكن أن تفرزه من وقائع، وقالوا علناً أنّهم يؤيّدون أن تضرب إسرائيل بنية «حزب الله»، لكنّ هذه الجبهة على أهميتها لا تشكّل الجبهة الأساس بالنسبة إليهم، بل إنّ أولويتهم الساخنة هي الجبهة الإيرانية – الإسرائيلية وما تنطوي عليه من مخاطر وتداعيات على مستوى المنطقة بشكل عام».