حملت زيارة رئيس تيار»المردة» سليمان فرنجية لعين التينة في هذا التوقيت دلالات سياسية عدة، وانطوت على رسائل في أكثر من اتجاه، بعدما كثرت التأويلات حول فرص ترشيحه ومصيره على وقع العدوان الاسرائيلي الذي يتعرّض له لبنان.
توحي المواقف التي أطلقها فرنجية بعد لقائه الرئيس نبيه بري، معطوفة على الكلام الصادر عن رئيس المجلس النيابي، وكأنّ المحور الداخلي الداعم للمقاومة يعيد تموضعه وتنظيم صفوفه لتكريس توازنات مرحلة ما قبل الحرب الاسرائيلية وتثبيت ترشيح رئيس «المردة» إلى رئاسة الجمهورية، بعدما أعطى الفريق الآخر انطباعاً بأنّه يستعجل في استثمار مفاعيل الحرب على المستوى الداخلي، خصوصاً في الملف الرئاسي، سعياً إلى إمرار مرشح قريب منه بناءً على فرضية انّ موازين القوى تبدّلت وانّ ترشيح فرنجية سقط تلقائياً مع اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وتمكّن العدو من توجيه بعض الضربات إلى الحزب أخيراً.
وربطاً بمحاولة استغلال اللحظة لتحقيق مكاسب سياسية ورئاسية، تشعر بعض القوى المنخرطة ضمن فريق المقاومة بأنّ هناك مسعى لدى «مستعجلي الاستثمار» لاستعادة او استنساخ معادلة 1982 التي انتجها الاجتياح الاسرائيلي والتصرف على أساسها.
من هنا، أتى الهجوم الاستباقي عبر جبهة بري ـ فرنجية لإبلاغ كل من يهمّه الأمر أنّ التوازنات الداخلية لم تتأثر بالعدوان الاسرائيلي، وانّ من يظن انّ هناك انزياحاً فيها لمصلحته هو مخطئ.
وبهذا المعنى، فإنّ المواكبين لحراك فرنجية يعتبرون انّ زيارته لعين التينة في هذا الظرف المشرّع على كل الاحتمالات، وتمسّكه في عزّ المعركة المتواصلة بخياره الداعم للمقاومة من غير الخوض في حسابات الربح والخسارة، خصوصاً بعد استشهاد «السيد»، إنما يفسّران سبب الإصرار الذي أبداه كل من الرئيس بري والسيد نصرالله على تأييد ترشيحه إلى الرئاسة.
ويلفت هؤلاء إلى انّ لقاء فرنجية مع بري حقق الآتي:
ـ لَجَم من تصنّفهم بنشعي «الاتتهازيين» الذين يفترضون انّ الفرصة سانحة لفرض امر واقع سياسي ورئاسي استناداً إلى قراءة مغلوطة ورهانات خاطئة.
ـ دعا المستعجلين لحرق المراحل بعد استشهاد السيد نصرالله ورفاقه الى التروي والتمهل.
ـ أعطى جرعة اوكسيجين لترشيحه من شأنها إنعاشه وتنشيطه.
ـ رَبَط ضمناً هوية الرئيس المقبل بما ستنتهي اليه المواجهة الميدانية التي لا تزال مستمرة ولا يمكن اختزالها بجولة.
ويعتبر المتمسكون بترشيح فرنجية انّه، وخلافاً لتقديرات خصومه، لا يزال الأصلح لتولّي الرئاسة في هذه المرحلة، في اعتبار انّه اكثر من يستطيع طمأنة المكون الشيعي بعد استشهاد احد رموزه، السيد نصرالله، من دون أن يشكّل في الوقت نفسه قلقاً للآخرين.
ويشير هؤلاء الى انّ ما تعرّض له «حزب الله» من استهداف قاسٍ يعزز
الحاجة إلى رئيس لا يطعن المقاومة وبيئتها اللتين يجب أخذ هواجسهما المستجدة في الحسبان، بينما قد يؤدي تجاهل تلك الهواجس إلى انعكاسات سلبية على الداخل.
ويعتبر أصحاب هذه المقاربة انّ الفريق المؤيّد لرئيس «المردة» شدشد «براغيه» مجدداً والتقط أنفاسه على قاعدة «نحن هنا»، بالترافق مع مدّ يده إلى الآخرين للتوافق على شخصية مقبولة، يؤكّد المتحمسون لانتخاب فرنجية انّ مواصفاتها تنطبق عليه.