المنطقة مفخخة، وصواعق تفجيرها مزروعة على امتدادها، وآيلة للإنفجار الكبير في أيّ لحظة. إيران وإسرائيل بعد الهجوم الصاروخي في حرب مع وقف التنفيذ حتى الآن، والعالم متهيّب من حرب شاملة تلوح في الأفق، واما لبنان النقطة الأكثر سخونة فيها، فيدفعه العدوان الإسرائيلي إلى منزلق كارثي، وإسقاط نموذج غزة عليه بتحويلة إلى ساحة دمار شامل من الجنوب والبقاع الى الضاحية الجنوبية، التي تعرّضت جميعها في الساعات الاخيرة لحملة تدميرية مروّعة، سوّت مساحات واسعة من بناها السكنية والمدنية بالأرض. والعيون كانت شاخصة بالأمس، على الجبهة الجنوبية، مع بدء الالتحام المباشر بين «قوة الرضوان» في «حزب الله» وقوات من الجيش الاسرائيلي تسلّلت إلى الجانب اللبناني من الحدود.
المناخ الطاغي في ظل هذه التطورات انّ الايام المقبلة حبلى بالاحتمالات الصعبة، ربطاً باندفاع إسرائيل وإيران الى حافة الحرب بعد الهجوم الصاروخي، وكذلك بمجريات الميدان على جبهة جنوب لبنان، التي شهدت امس محاولات اسرائيلية للتوغل البري في اتجاه الجنوب، ولاسيما الى العديسة وكفر كلا، ويارون، ومارون الراس، اعلن «حزب الله» انّه واجهها من النقطة صفر، وأرغمها على التراجع وكبّد القوات المهاجمة خسائر كبيرة، مرافقاً ذلك، بقصف صاروخي عنيف على المواقع والقواعد العسكرية والمستوطنات.
واعترف متحدث باسم الجيش الاسرائيلي بمقتل 8 عسكريين (بينهم 3 برتبة رائد واثنان برتبة نقيب) وإصابة 7 آخرين جراح اثنين خطرة. الّا انّ القناة 12 الاسرائيلية تحدثت عن 8 قتلى و35 جريحاً في صفوف الجيش. وردّت هيئة البث الاسرائيلية هذا العدد من الإصابات الى انّ عناصر «حزب الله» اطلقوا النار عن قرب على الجنود وفجّروا عبوات ناسفة وصورايخ، ما ادّى الى وقوع هذا العدد من القتلى. لكن وبحسب ما نقلته «سكاي نيوز» عن مصادر فإنّ عدد القتلى هو 14.
واعلن الجيش الاسرائيلي انّ عملية إخلاء المصابين جرت في ظروف صعبة، وانّه رصد قتلى لمسلحين، فيما لفتت اذاعة الجيش الى انّ مواجهة حصلت داخل مبنى صباح امس، عندما تسلّلت مجموعة من وحدة «ايغوز» الى داخله، حينها فتح عناصر «حزب الله» النار وأطلقوا الصواريخ تجاه القوة. وحتى خلال عملية سحب الجرحى واصل «حزب الله» اطلاق النار والصواريخ.
واعترفت إسرائيل بخوض معارك صعبة مع «حزب الله»، وفق صحيفة «معاريف». وفي السياق ذاته ذكرت قناة «كان» العربية «انّ القتال في جنوب لبنان يدور فوق الارض وتحت الارض والتضاريس لا تخدم قوات الجيش، وهي أعقد من غزة، وهناك بنية تحتية عمرها عشرات السنوات».
إلى ذلك، قال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف «انّ مقاتلينا اشتبكوا مع العدو في العديسة ومارون الراس، وما حصل في مسكفعام ليس الّا البداية، وعدد القتلى كبير في صفوف العدو الذي يخفي خسائرة.
محاولات احتواء
الوقائع الميدانية تشي بأنّ هذه الجبهة مرشّحة إلى تصاعد أكبر، في ظلّ استمرار العملية البريّة الاسرائيلية، فيما قالت مصادر واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية»، إنّ مؤشّرات تتوالى من مصادر دوليّة متعدّدة، حول احتمال فتح المسار الديبلوماسي لاحتواء التصعيد القائم، عبر إعادة إحياء المبادرة الفرنسيّة – الأميركية التي وقّعت عليها مجموعة من الدول، لوقف اطلاق النار.
وفيما تحدثت المصادر عينها عن توجّه فرنسي عاجل لإطلاق تحرّك للدفع بالمبادرة الدولية لتحقيق هدفها الرامي الى وقف النار ونزع فتيل التصعيد، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، عن مؤشرات تفيد باحتمال عودة وزير الخارجية الفرنسيّة جان نويل بارو الى بيروت في القريب العاجل.