أفاد «حزب الله» بأنّ أجهزة لاسلكية تابعة لأعضائه قد انفجرت، وذكر وزير الصحة اللبناني، أنّ أكثر من 2700 شخص أُصيبوا. واتهم «حزب الله» إسرائيل، إلّا أنّ الجيش الإسرائيلي امتنع عن التعليق.
نيويورك تايمز
انفجرت مئات أجهزة «البيجر» في الوقت ذاته في جميع أنحاء لبنان يوم الثلاثاء، في هجوم منسق على ما يبدو استهدف أعضاء «حزب الله»، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران في المنطقة، وفقًا لمسؤولين لبنانيين ومن «حزب الله».
وجاء الهجوم بعد يوم واحد من تحذير القادة الإسرائيليين من أنّهم يفكّرون في تصعيد حملتهم العسكرية ضدّ «حزب الله»، الذي كان يطلق النار على شمال إسرائيل منذ العام الماضي تضامنًا مع حماس وحربها مع إسرائيل في غزة.
اتهم «حزب الله» إسرائيل بتدبير الهجوم يوم الثلاثاء وتوعّد بالردّ على ما وصفه بـ»العدوان الصارخ». وامتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق. وذكر خبراء مستقلون أنّ إسرائيل قد تكون بالفعل وراء الهجوم.
وأسفرت موجة الانفجارات عن حالة من الصدمة والارتباك في بيروت. وأفاد شهود عيان بأنّ الدخان كان يتصاعد من جيوب الناس، تلاه انفجارات صغيرة تشبه الألعاب النارية أو أصوات الطلقات النارية. وعرضت لقطات هاوية بُثت على التلفزيون اللبناني مشاهد فوضوية في المستشفيات، حيث كان المرضى المصابون بجروح في أيديهم ووجوههم يتلقّون العلاج. ودوّت صفارات الإسعاف في جميع أنحاء المدينة.
وصف رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتي، الهجوم بأنّه «عدوان إسرائيلي إجرامي»، واعتبره «انتهاكًا خطيرًا للسيادة اللبنانية».
إليك ما يجب معرفته أيضاً:
آلاف المصابين: أفادت وزارة الصحة اللبنانية بأنّ ما لا يقل عن 9 أشخاص قد قتلوا، بينهم فتاة صغيرة، وأصيب أكثر من 2700 آخرين، منهم حوالى 200 في حالة حرجة. وقال وزير الصحة فراس الأبيض إنّ العديد من الضحايا تعرّضوا لإصابات في وجوههم، وخصوصاً العيون، وكذلك في أيديهم وبطونهم. وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية أنّ سفير إيران في لبنان، مجتبى أميني، قد أُصيب في يده ووجهه عندما انفجر جهاز «بيجر» كان يحمله.
استهداف أجهزة «البيجر» الخاصة بـ«حزب الله»: ذكر مسؤولون ثلاثة، على اطلاع على الهجوم، أنّ العملية استهدفت مئات أجهزة «البيجر» التي يستخدمها أعضاء «حزب الله» منذ سنوات لتجنّب اعتراض رسائلهم. وزاد استخدام هذه الأجهزة بعد هجمات 7 أكتوبر، عندما حذّر قائد «حزب الله» من أنّ الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت شبكة الهواتف المحمولة، وفقًا لخبراء أمنيين. وأضاف المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظرًا لحساسية الأمر، أنّ الأجهزة كانت مبرمجة لتصدر صوتًا لعدة ثوانٍ قبل أن تنفجر.
تصاعد الصراع: بدت الانفجارات كأحدث جولة في الصراع المستمر منذ 11 شهرًا بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي بدأ في تشرين الاول الماضي، بعد أن بدأت ميليشيا «حزب الله»، المدعومة من إيران، في إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية تضامنًا مع حليفتها حماس، المدعومة أيضًا من إيران. ولقد ظل الصراع إلى حدّ كبير محصورًا في تبادل الصواريخ والقذائف، لكن الزعماء على كلا الجانبين حذّروا لعدة أشهر من أنّه قد يتصاعد إلى حرب تشمل القوات البرية.
محاولة اغتيال: يوم الثلاثاء بعد الظهر، وقبل انفجارات «البيجر» في لبنان، اتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بمحاولة اغتيال عضو متقاعد بارز في أجهزة الأمن الإسرائيلية باستخدام عبوة ناسفة يمكن تفجيرها من بُعد من لبنان. وقال الجيش إنّ نفس العناصر كانت وراء محاولة هجوم مشابه في تل أبيب العام الماضي.
هجمات في سوريا: في سوريا، أصيب ما لا يقل عن 14 شخصًا بانفجارات أجهزة «البيجر» في الهجوم المنسق على ما يبدو ضدّ «حزب الله»، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو منظمة مراقبة مقرّها بريطانيا. وقال طبيب زار المستشفيات في صيدا، حيث نُقل بعض الجرحى، إنّ الكثير من الأشخاص أصيبوا في عيونهم لدرجة أنّ هناك نقصًا في أطباء العيون. وقال الدكتور عبد الرحمن البزري إنّ المستشفيات التي زارها كانت مكتظة بأشخاص أصيبوا في عيونهم ووجوههم وأيديهم، وأنّ الأطقم الطبية تكافح لعلاجهم جميعًا. «إصابات العين لن تكون سهلة وتحتاج إلى علاج طويل الأمد»، على حدّ قوله.
وجمعت فرق الإسعاف التبرعات بالدم في صيدا والضاحية الجنوبية لبيروت.
إصابة سفير إيران في الهجوم الظاهر، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الرسمية
أُصيب سفير إيران في لبنان، مجتبى أميني، في يده ووجهه عندما انفجر جهاز «بيجر» كان يحمله في موجة من الانفجارات استهدفت الأجهزة الإلكترونية اللاسلكية، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية.
تمّ نقل أميني إلى مستشفى في بيروت لتلقّي العلاج، إلّا أنّ إصاباته لم تكن خطيرة ومن المتوقع أن يتعافى، وفقاً للتلفزيون الرسمي الإيراني.
ودان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الهجوم في اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني. وقال إنّ إيران مستعدة لإجلاء السفير وأي أشخاص آخرين مصابين إلى إيران لتلقّي العلاج الطبي إذا لزم الأمر، وفقًا لبيان صادر عن مكتبه. وتحدث إلى زوجة أميني في بيروت وتمنّى للسفير الشفاء العاجل، حسبما ذكر البيان.
تداعيات الهجوم
بدا أنّ الهجمات تستهدف بشكل رئيسي أعضاء «حزب الله»، وهي جماعة سياسية وميليشيا تدعمها إيران. اشتبك «حزب الله» وإسرائيل بشكل مكثف عبر الحدود منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر الماضي على إسرائيل. اتهم «حزب الله» إسرائيل، التي لم تعلّق، بالمسؤولية عن الانفجارات.
ذكرت نرجس غاديريان، زوجة السفير الإيراني، في منشور على منصة X أنّ زوجها «أصيب بجروح طفيفة لكن الحمد لله هو بخير والخطر قد زال».
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أنّ اثنين من حراس السفير الشخصيين قد أُصيبا أيضًا لأنّهما كانا يحملان أجهزة «بيجر» انفجرت أيضاً. وأفادت وكالة «تسنيم» للأنباء، التي لها صلات بالحرس الثوري، بأنّ أجهزة مشابهة انفجرت أيضًا في سوريا. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) فيديو يُظهر السفير وهو يُنقل إلى المستشفى.
السفارات الإيرانية في دول «محور المقاومة»: تعيّن إيران سفراءها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهي دول حليفة تُعرف إقليميًا بـ»محور المقاومة»، من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني، لأنّهم يعملون أيضًا كوسيط مع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
سارعت سيارات الإسعاف في شوارع لبنان بينما كان الجنود اللبنانيّون يوجّهونها. وكان جنود الجيش اللبناني يقفون لحراسة سيارات الإسعاف التي كانت تنقل الجرحى إلى المستشفى في بيروت يوم الثلاثاء.
تفاعل الجمهور الإيراني
أثار نبأ الانفجارات قلق العديد من مؤيّدي الحكومة الإيرانية الذين لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن خوفهم من قدرة إسرائيل على إلحاق ضرر واسع النطاق من بُعد. وقالوا أيضًا إنّ الانفجارات كشفت هوية أعضاء «حزب الله»، الذين عادة ما تكون هويتهم سرّية، حيث ظهرت لقطات فيديو للانفجارات وما بعدها على نطاق واسع، وتمّ رصد الضحايا وهم يتلقون العلاج الطبي في المستشفيات.
الصراع السرّي بين إسرائيل وإيران
نفّذت إسرائيل سلسلة من العمليات السرّية في إيران كجزء من حرب الظل بين البلدين. اغتالت إسرائيل أكبر عالم نووي ونائب وزير الدفاع الإيراني، محسن فخري زاده، في عام 2020 باستخدام روبوت مساعد بالذكاء الاصطناعي يتمّ التحكّم فيه من بُعد عبر الأقمار الصناعية. وفي شباط، فجّرت إسرائيل اثنين من خطوط الغاز الرئيسية في إيران، مما أدّى إلى انقطاع الخدمة عن عدة مدن، وفي عام 2021، اخترقت إسرائيل خوادم وزارة النفط الإيرانية ما أدّى إلى تعطل توزيع البنزين على المستوى الوطني.
توترات مرتفعة بالفعل
التوترات بين إيران وإسرائيل عالية بالفعل بعد اغتيال زعيم حماس السياسي، إسماعيل هنية، في طهران في تموز. وتوعدت إيران بالردّ على إسرائيل، لكنها امتنعت عن ذلك حتى الآن بعد تحذيرات ديبلوماسية بأنّ الردّ قد يؤدي إلى ردّ إسرائيلي أوسع وحرب أوسع.
الدعوات الإيرانية للردّ
دعا بعض المحللين الإيرانيين المحافظين يوم الثلاثاء الحكومة إلى الردّ على تعهدها بالانتقام من إسرائيل، قائلين إنّ عدم القيام بذلك قد يشجع إسرائيل على تنفيذ المزيد من الهجمات.
استعداد لبنان للردّ
قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، إنّ البلاد تستعد لردّ كبير من «حزب الله». وقال في اتصال هاتفي مع صحيفة «نيويورك تايمز»: «إذا كانت إسرائيل تعتقد أن هذا سيعيد الأشخاص المهجرين في شمال إسرائيل، فهم مخطئون. هذا يزيد من حدّة هذه الحرب». وأضاف أنّ الحكومة اللبنانية تستعد الآن لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. «بالتأكيد سيقوم حزب الله بالردّ بطريقة كبيرة. كيف؟ وأين؟ لا أعلم»، حديثه جاء يوم الثلاثاء بعد اتصالاته مع مسؤولي «حزب الله».
وكان نجل أحد نواب «حزب الله»، علي عمار، من بين الذين قُتلوا في الانفجارات. وزار رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، الضواحي الجنوبية لبيروت يوم الثلاثاء لتقديم التعازي للنائب.
وعقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق هرتسي هاليفي، اجتماعًا أمنيًا مع جنرالات كبار آخرين مساء الثلاثاء، وفقًا لبيان الجيش. واستعرض الضباط «الاستعدادات للعمليات الدفاعية والهجومية على جميع الجبهات»، وفقًا لبيان.
ولم تصدر أي إرشادات جديدة للمدنيين الإسرائيليين، لكن الجيش قال إنّ الإسرائيليين يجب أن يستمروا في «التيقظ».
وأظهر فيديو مروع تمّ تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي وسُجّل في مستشفى بهمن في بيروت وتمّ التحقق منه من قبل صحيفة «نيويورك تايمز»، العشرات من الأشخاص المصابين وهم ينزفون على نقالات وأسرّة. وتختلف شدّة الإصابات، ويبدو أنّ بعض الأشخاص فقدوا أجزاء من أيديهم.