مجرّد أن جرى التلميح في الأيام الأخيرة، همساً أوعلناً بأنّ اللجنة الخماسيّة قرّرت أن تنهي استراحتها، وتُعيد إطلاق محرّكات مهمّتها من جديد، لعلّها تتمكّن من تحقيق خرق في الجدار الرئاسي، تلقت اللجنة عبر بريد التعطيل رسالة صريحة من الهاربين من التوافق، بألّا تُتعِب نفسها وتقوم بمسعى جديد لأنّه سيُرمى مع ما سبقه من مساعٍ في صندوقة الفشل. واقترنت تلك الرسالة بملحق لها رافض لانتخاب رئيس للجمهورية على قاعدة توافقية، عبّرت عنه “القوات اللبنانية” بصورة مباشرة وصريحة عبر رئيسها سمير جعجع، وبصورة غير مباشرة عبر مجموعة نواب نصفهم من القوات، ونصفهم الآخر حلفاء لها.
الأصداء الاعتراضية على التوافق بلغت “الخماسية”، وعلى ما يقول أحد سفرائها لـ”الجمهورية” إنّ هذه الاعتراضات لا تشجّع على التفاؤل. لكنّ هذا الأمر لا يُحبط من عزيمة اللجنة وتوجّهها إلى تزخيم مهمّتها في المدى القريب، في جهد مساعد للأطراف في لبنان في بلوغ تسوية رئاسية نرى أنّ لبنان يحتاجها أكثر من أي وقت مضى، في ظل الظروف الحالية وما يلوح في أفق المنطقة من استحقاقات وتحدّيات كبرى لبنان ليس بعيداً عنها، وبعضها يتسم بالدقة والخطورة.
وفيما فضّل سفير الخماسية عدم تحديد آلية التزخيم الذي تحدّث عنه، وكذلك عدم الدخول في تفاصيل الحراك المرتقب للجنة والقاعدة التي سينطلق منها والأساس الذي سيرتكز عليه، أبلغت مصادر موثوقة مواكبة للتحضيرات الممهّدة لحراك الخماسية إلى “الجمهورية” قولها: إنّ اللجنة لا تملك عصا سحرية، كما لا تملك مشروع حل رئاسي جاهزاً، يتسم بصفة الإلزام. فمهمتها محدّدة، وسبق لها أن أعلنت في حراكاتها السابقة أنّها عامل مساعد للبنانيِّين على التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، ولا تقرّر عنهم، والكلمة الفصل في هذا الملف هي لهم. ومن هنا فإنّ حراك اللجنة المرتقب أملاه الاستشعار بالخطر، وتوجّهها هو لإجراء لقاءات وحوارات مع الأطراف، إنّما بنفسٍ جديد، يُحاكي حاجة لبنان الملحة إلى رئيس في هذه الظروف، لمواكبة استحقاقات داهمة.
رداً على سؤال عمّا إذا كانت ثمة ضمانات بنجاح حراك الخماسية المنتظر، قالت المصادر: الحراك ما زال قيد التحضير، وموعد انطلاقه لم يتقرّر بعد. كما لا كلام علناً أو همساً عن وجود أي ضمانات، علماً أنّ الضمانة الأكيدة لنجاح مهمة الخماسية، تتأمّن بتوفّر عامل الثقة بين الاطراف اللبنانيِّين. لكنّ التباينات في ما بينهم تؤكّد أنّ هذه الثقة معدومة.
على أنّ أهم ما تسلّط عليه المصادر هو أنّ اللجنة الخماسية في حراكها الذي يفترض أن يشمل كل الأطراف، تسعى إلى تحديد مواضع الاختلاف ليتم تجاوزها، ومواضع الاتفاق ليتم البناء عليها. وكذلك تحديد تطوّرات المشهد اللبناني والإقليمي التي تجعل من انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان حاجة وضرورة في الظرف الحالي. أمّا رهانها فعلى التفاعل الإيجابي من قِبل القوى السياسية مع مسعاها الذي قد يكون الخرطوشة الأخيرة، ومن دون هذا التفاعل لا يمكن للجنة أن تستمرّ إلى ما لا نهاية.