مع إعادة رئيس مجلس النواب نبيه بري إطلاق مبادرته للحوار والتوافق لانتخاب رئيس للجمهورية، أكّدت أجواء عين التينة لصحيفة “الجمهورية” أنّ “رئيس المجلس كان مرتاحاً لردود الفعل على مبادرته، ولاسيما موقف رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، إلى جانب سائر الجهات التي تؤكّد على التوافق كعبر الزامي نحو رئاسة الجمهورية. إلّا أنّه لم يفاجأ بموقف حزب “القوات اللبنانية”، باعتبار هذا الموقف طبيعي لمن لا يريدون انتخاب رئيس للجمهورية، وإعادة انتظام الحياة السياسية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان”.
حراكات
وأشارت معلومات “الجمهورية”، إلى أنّ “مبادرة بري جاءت في ظلّ الحديث عن حراك مرتقب للجنة الخماسية، كرافد مسبق لهذا الحراك، لإعادة إنضاج الملف الرئاسي، ووضعه على سكة الحسم؛ وإنهاء فترة الشغور في رئاسة الجمهورية التي قاربت على السنتَين”.
وأوضحت أنّ “الغاية الأساس من إطلاقها في هذا التوقيت بالذات، فهي لكون انتخاب رئيس للجمهورية بات يُشكّل أولى وأهم الضرورات اللبنانية في ظرف هو الأصعب في تاريخ لبنان، وأنّ مصلحة هذا البلد تقتضي مواكبة التطوّرات الراهنة في المنطقة، وما قد يبرز من تحدّيات ومستجدات، بأعلى قدر من الانتظام والتماسك الداخلي سياسياً ورئاسياً وحكومياً”.
وكشفت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، أنّ “الأسبوع الثاني من الشهر الحالي، قد يشهد في بداياته لقاء لسفراء “الخماسية” في دارة السفير السعودي وليد البخاري، الذي تفيد بعض المعلومات بأنّه سيعود إلى بيروت في 11 أيلول”، مبيّنةً أنّ “هذا الاجتماع يشكّل تتمة لاجتماع الرياض السعودي الفرنسي بين المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء للشؤون الخارجية المكلّف ملف لبنان نزار العلولا، والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في حضور السفير البخاري”.
آن أوان تقدير المصلحة
في السّياق، اعتبر مسؤول كبير لـ”الجمهورية”، أنّ “حراك “الخماسية” يعكس اهتماماً دولياً متجدّداً بلبنان، خلافاً لكل المقولات التي ألقت بالملف اللبناني على رصيف الإهمال، ربطاً بما شهدته المنطقة من تطوّرات حربية من غزة إلى جنوب لبنان”.
ولفت إلى أنّ “هذا الحراك يُشكّل من جهة رسالة حرص على لبنان، ومن جهة ثانية رسالة صريحة إلى كل الأفرقاء، تحث على أنّه آن الأوان لتقدير مصلحة لبنان، وهذا يضع الجميع أمام امتحان الاستفادة من الفرصة المتجدّدة التي يتيحها هذا الحراك لإنهاء الأزمة الرئاسية”.
وعن صحة ما يتردّد عن أنّ الهدف المركزي لحراك “الخماسية” هو فتح الطريق أمام ما يسمى “الخيار الجديد”، خارج نادي الأسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية، أوضح المسؤول أنّه “لا يوجد أي حديث عن خيارات قديمة أو جديدة، فما نلمسه هو أنّ ثمة حراكاً للخماسية كعامل مساعد للبنانيّين، للتعجيل في إنجاز الملف الرئاسي، بالتوافق في ما بينهم”.
وذكر أنّ “هذا الأمر تتيحه مبادرة بري، ضمن آلية محدّدة بتشاور لأيام معدودة لا تتعدّى الأسبوع، يصار خلالها إلى التوافق على مرشح أو إثنين أو أكثر، على أن يدعو رئيس المجلس بعد ذلك إلى جلسات متتالية بدورات متتالية بنصاب كامل انعقاداً وانتخاباً (حضور ثلثَي أعضاء مجلس النواب وما فوق)؛ وذلك حتى يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية”.
كما رأى المسؤول عينه، أنّ “دعوة المعارضة إلى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، من شأنها أن تعطّل عمل المجلس النيابي وتشلّه بشكل كامل. ربما يريد بعض الأفرقاء أمام رئاسة جمهورية معطلّة، ووضع حكومي غير مكتمل وخاضع لأضيَق حدود تصريف الأعمال، أن يسحب الشلل إلى المؤسسة الوحيدة التي ما زالت قائمة بكامل بنيتها، وهذا ما لا يمكن أن يسمح به رئيس المجلس”.
وعن موقف الرافضين لمبادرة بري، أشار إلى أنّ “هذا يؤكّد أنّ بعض الجهات المعطّلة تراهن على الحرب في المنطقة، بأن تحدث متغيّرات من شأنها تغلب منطقها وتأتي برئيس للجمهورية بحسب مواصفاتها. وهذا معناه أنّ هذه الجهات لا تريد التوافق لا الآن، ولا في أي وقت لاحق، وتبحث دائماً عن المواجهة ومحاولة إلغاء الآخرين؛ وهذا بالتأكيد رهان خاسر قد لا يدفع ثمنه سوى المراهنين”.
إلى ذلك، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، أنّ “النظرة الأميركية إلى الملف الرئاسي تتسم باستعجال حسمه، بعيداً عن المواصفات الاستفزازية أو التحدّي من هذا الفريق أو ذاك، بل مع مواصفات توافقية، تفضي إلى رئيس للجمهورية على صلة بكل الأفرقاء، ولا يُشكّل استفزازاً أو تحدّياً لأي جهة؛ وفي لبنان شخصيات كثيرة تتحلّى بهذه المواصفات”.