يجدر التوقف عند ما قاله مسؤول في البيت الأبيض انّ هوكشتاين «ناقش الجهود الفرنسية والأميركية لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط. وإن فرنسا والولايات المتحدة تشتركان في هدف حل الصراع الحالي عبر الخط الأزرق بالوسائل الدبلوماسية بما يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى ديارهم مع ضمانات طويلة الأمد بالسلامة والأمن». وهذا الكلام تؤكده مصادر دبلوماسية غربية متابعة لـ«الجمهورية» بقولها: انّ الاجتماع الباريسي جاء ضمن التنفيذ العملي للتوجّه الاستراتيجي للرئيسين ماكرون وبايدن لجهة التنسيق المكثّف حول كل ملفات المنطقة وبخاصة لبنان تحديداً.
وأوضحت المصادر انّ اللقاء بين هوكشتاين ولو دريان ولوجاندر تركّز على موضوع التهدئة في الجنوب والسعي لمنع الشرق الأوسط المواجهات الى حرب. وأعطى الاجتماع اشارة الى انّ البلدين قررا اعادة تحريك الدبلوماسية بشكل كثيف. وهو لم يوجّه رسائل اهتمام الى لبنان فقط بل الى كل اطراف المنطقة وبما فيها الكيان الاسرائيلي والجانب الفلسطيني، بهدف إيجاد مخرج للحالة القائمة في جبهة الجنوب بما يُرضي الطرفين.
وتلاحظ المصادر انه برغم انّ العمل الدولي جارٍ على إيجاد حلول لكل اوضاع المنطقة، لكن يبقى لكل ملف او لكل دولة خصوصياتها وتفاصيلها التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار ليُبنى الحل على أسس موضوعية. ومن هنا الحاجة الفرنسية والاميركية الى التنسيق المشترك في كل ملفات المنطقة. وتؤكد انه لم يتم الاتفاق ولم يظهر اي توجّه لزيارة قريبة للموفد الفرنسي لو دريان الى بيروت أقله خلال الاسبوعين او الاسابيع الثلاثة المقبلة. كما لم يُعرف ما اذا كان هوكشتاين سيقوم بزيارة الى لبنان وفلسطين المحتلة. كما ان المصادر تؤكد ان لا زيارة للموفدَين ما لم يحصل تطور وتقدم في خطة الرئيس بايدن لوقف الحرب في غزة وتنفيذ بنودها كاملة، وهذا امر برأي المصادر متوقف على تجاوب او عرقلة حكومة اسرائيل وحركة حماس وباقي الفصائل المقاومة في غزة للحل.
وتشير المصادر الى تسليم الادارتين الاميركية والفرنسية باستحالة فصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة والجبهات الاخرى في المنطقة، لكنهما لم تُسلّما باستحالة فصل ملف الاستحقاق الرئاسي عن ملف الحرب، وهو باعتقاد الدولتين امر ممكن اذا توافق اللبنانيون على شخصية معينة تكون مقبولة من جميع الاطراف ولديها رؤية وتوجهات لكيفية الخروج من الازمات التي يتخبط بها لبنان، بمعنى ان «الخيار الثالث» يبقى أفضل المخارج برأي الدولتين. لكن المصادر لا تخفي صعوبة العثور على مثل هذا الشخصية التي تتوافَر فيها «معايير ومواصفات» إن لم تكن شروط كل طرف لبناني يريد إلباسها للرئيس الذي يريد.
إلّا ان المشكلة التي تعترض فرنسا واميركا هي عامل الوقت، وقد تحدثت المصادر الدبلوماسية مجدداً عن شهر تموز الحاسم، وعن ضرورة التوصل الى تفاهمات في لبنان بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام قبل نهاية تموز، فما بعده يبدأ العد العكسي للإنتخابات الرئاسية الاميركية، ويبدأ ظهور انعكاسات نتائج الانتخابات الاوروبية وانشغال الدول بتشكيل حكوماتها الجديدة وصياغة توجهات سياسية واستراتيجية جديدة، ليس لكل دولة إنما على صعيد اوروبا والعالم ككل.
من هنا تقول المصادر الدبلوماسية: انّ شهر تموز حاسم لبنانياً، ولو كانت المهلة ليست بمثابة إنذار او تهديد بقرار أو إجراء ما، بل هي مهلة حَثّ وتسريع، لكن بالتأكيد بعد تموز سيتراجع اهتمام دول العالم لا سيما الاهتمام الفرنسي والاميركي بلبنان.
ولكن ترى المصادر انه ربما سيبقى الفاتيكان وحده الجهة الدولية التي ستحافظ على اهتمامها بلبنان، وقد تبدّى ذلك في زيارة امين سر البابا الكاردينال بييترو بارولين الى بيروت مؤخراً، والكلام الصريح الواضح في العلن وفي لقاءاته المقفلة مع بعض كبار السياسيين، حول مخاوف البابا على مصير لبنان ومسيحييه بشكل خاص. لذلك تدعو المصادر الدبلوماسية اللبانيين والاسرائيليين الى التبَصّر في مآل الامور قبل فوات الأوان وتدحرج الوضع الى مناحٍ خطيرة تضرّ الجهتين.