يتناول الجميع مواقف مستجدّة من قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، وهي النزوح السوري في لبنان. سنركز على التداعيات الإقتصادية والإجتماعية لهذا النزوح المبرمج والممنهج.
نذكّر أن الإقتصاد اللبناني ما قبل الأزمة، كان يُوازي نحو 50 مليار دولار بحسب مرصد البنك الدولي، مع عدد السكان الذي لا يتجاوز الـ 5 ملايين شخص. أما اليوم فقد أصبح الناتج المحلي يدور حول 18 ملياراً مع عدد سكان تجاوز الـ 7 ملايين. هذا يعني، أنّ عدد السكان ازداد نحو 50% وتراجع حجم الإقتصاد بنحو 65%.
من جهة أخرى، فلنفترض أنه قرّر مليونا مغترب لبناني أن يعودوا إلى الأرض الأم، وهذا من حقهم الطبيعي، كلبنانيين مقيمين ومغتربين. لكن السؤال الجوهري المطروح، هل البنية التحتية الهشّة والمهترئة في لبنان تستطيع إستقطابهم؟ وهل مستشفياتنا وجامعاتنا ومدارسنا وطرقاتنا ومؤسسات الدولة والأمن تستطيع أن تتحمّل ثقل 50% إضافية على عدد السكان، حتى لو كانوا لبنانيين؟
نشدد بحزم وأسف، على أنّ الدولة اللبنانية لم ولن تستطيع أن تؤمّن الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة الأساسية والبديهية لـ5 ملايين من سكانها اللبنانيين، فكيف تستطيع أن تتحمّل ثقل 50% إضافية من نازحين من جنسيات وخلفيات إجتماعية وثقافية مختلفة، في ظل أمن متفلت ودولة مهترئة، ومؤسسات تتدهور يوماً بعد يوم ؟
إن هذه القنبلة الموقوتة بدأت تلوح منذ نحو 13 عاماً، وكل المسؤولين والمعنيين كانوا يُدركون تماماً ما يحصل، ويطمرون رؤوسهم في الأرض كالنعامة، وها هم اليوم يتبارون على المنصّات الإعلامية، ويُطلقون شعارات وهميّة تافهة كالعادة، مهدّدين هذا الوجود، وهم المسؤولون المباشرون عنه منذ العام 2011.
أما بالنسبة إلى ما نسمعه عن الترحيل الوهمي، فهنا الكذبة الكبيرة، لأن الذين يُرحَّلون يعودون إلى لبنان بعد بضع ساعات من طرق غير شرعية، من دون حسيب ولا رقيب، وفي سوق سوداء جديدة، وتجارة حدود مخفية، وسماسرة عدة من جميع الجهات، وفلتان كارثي بغطاء سياسي.
في المحصّلة، إن كارثة النزوح هي قنبلة موقوتة، وكرة نار يتراشقها السياسيون الفاسدون اليوم، وهي تُشبه قنبلة الإنفجار المالي والنقدي التي دوّت عندما لم يكن أحد يتوقعها. إنها قنبلة موقوتة، مثل النيترات التي كانت مدفونة ست سنوات تحت بيوتنا، وقد إنفجرت عندما لم يكن أحد يتوقعها. ها نحن اليوم أمام قنبلة جديدة، تُفرقع يوماً بعد يوم، لكن إنفجارها النووي يُمكن أن يحصل في أي وقت.
المصدر:”الجمهورية – د. فغؤاد زمكحل”
**