أعاد الاجتماع الجديد لسفراء «الخماسية» الروح الى الاستحقاق الرئاسي بعد ضمور أسابيع، وتقدّم حدثَيْن يوصفان بخطرين وجوديين: استمرار انخراط حزب الله في حرب غزة، والنازحون السوريون بتحوّلهم إلى دولة داخل الدولة وإلى شعب فوق شعب. وبذلك ليس للعودة الى الاستحقاق مغزى أو جدوى
اجتماع سفراء الدول الخمس غداً هو الخامس منذ مطلع السنة بالتناوب بين مقارّهم. بعد المضيف السعودي في 25 كانون الثاني والمضيف الفرنسي في 20 شباط والمضيف القطري في 7 آذار والمضيف المصري في 18 نيسان، سيكونون في ضيافة السفيرة الأميركية. مذ بدأوا دورة التناوب قبل خمسة أشهر لم يطرأ أيّ تطوّر في انتخاب رئيس للجمهورية. بذلك يصعب تصوّر جدول أعمال أمامهم ما خلا تأكيد حضورهم في مهمتهم وإجراء مراجعة للأشهر المنصرمة. في خلال المدة الفائتة هذه، ظهرت مبادرة كتلة الاعتدال الوطني واختفت. كذلك دارت اتصالات بين دولهم على هامش مشاغلها الأكثر أهمية من انتخاب رئيس للبنان، من بينها تواصل فرنسي – أميركي في واشنطن. إلا أنّ أيّاً من الأفرقاء اللبنانيين لم يتزحزح عن شروطه. كلا الطرفَيْن المعنيَّين، السفراء الخمسة والأفرقاء المحليين، يدورون في الوقت الضائع فحسب.في ما يصير الى تداوله ويُقرَن باستعادة الخماسية تحرّكها مجدداً، أحاديث عن نافذتَين يصعب فتحهما مقدار ما يسهل إغلاقهما: تخلّي الثنائي الشيعي عن ترشيح رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، والذهاب الى طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه برّي. كلا الخيارين متعذّران الى الآن على الأقل لأسباب لا يخفيها المتسلّحون بحججهما، ما يطيل في عمر الشغور الرئاسي الى أمد غير منظور.
رغم ما يتردّد أحياناً عن اقتناع السفراء الخمسة بدخول الأفرقاء في حوار يمهّد لانتخاب الرئيس، ولا يرون في الوقت نفسه غضاضة في ترؤّس برّي له ما داموا ينظرون الى دوره وتواصلهم المستمر معه على أنه مرجعيّ في إدارة الاستحقاق، يصطدم الحوار المُراد التفاهم عليه بأكثر من وجهة نظر:
أولى، يقول بها الثنائي الشيعي تدور من حول ترشيح فرنجية لا التخلّي عنه أو مقايضته بمرشح آخر، تأكيداً لتمسّكه به وإصراره على أن لا رئيس للجمهورية لا تطمئن إليه المقاومة. لم يعثر الثنائي على ضالّته سوى في رئيس تيار المردة. ذلك ما يعني أنه مرشحه الوحيد لا مرشحه الأول.
ثانية، يقول بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، مؤداها موافقته على الحوار لا على آليّته المقترحة، وهي الطاولة المستديرة. ينادي بحوار ثنائي أو ثلاثي منفصل يسبق جلسة الانتخاب بغية التوصل الى مرشح يصير الى التوافق عليه. ذلك ما يفترض الذهاب الى مرشح ثالث يقفز من فوق الترشيح المعلن لفرنجية والترشيح المضمر لقائد الجيش العماد جوزف عون.
ثالثة، يتحدث عنها حزب القوات اللبنانية رافضاً حوار الطاولة المستديرة مع اقتراحه بديلاً منها يوافق عليه دونما أن يُعدّ حواراً، بل تشاور تجريه الكتل في خلال انعقاد جلسة انتخاب الرئيس بالذات، لا قبلها، يصير فيها بين جولات الاقتراع الى تداول سبل إنجاز الاستحقاق بالمرشح ذي فرصة التوافق عليه.
سبق أن خبرَ لبنان مرتين حالاً مماثلة عامَي 1970 و1989 لم تتكرّرا بعدذاك: الأولى في 17 آب بين الدورتين الأولى والثانية بين المرشحَيْن: سليمان فرنجية الجدّ وإلياس سركيس بمسعى استبعادهما معاً والاتفاق على ثالث أخفق، فاحْتُكم الى الاقتراع في الدورة الثالثة. الثانية معاكسة في 5 تشرين الثاني بتنافس ثلاثة مرشحين هم: رينيه معوض وجورج سعادة وإلياس الهراوي في الدورة الأولى، ما اقتضى رفع الجلسة ربع ساعة. في خلالها، انسحب سعادة والهراوي لمعوّض كي ينتخب في الدورة الثانية.
رغم ما يتردّد أحياناً عن اقتناع السفراء الخمسة بدخول الأفرقاء في حوار يمهّد لانتخاب الرئيس، ولا يرون في الوقت نفسه غضاضة في ترؤّس برّي له ما داموا ينظرون الى دوره وتواصلهم المستمر معه على أنه مرجعيّ في إدارة الاستحقاق، يصطدم الحوار المُراد التفاهم عليه بأكثر من وجهة نظر:
أولى، يقول بها الثنائي الشيعي تدور من حول ترشيح فرنجية لا التخلّي عنه أو مقايضته بمرشح آخر، تأكيداً لتمسّكه به وإصراره على أن لا رئيس للجمهورية لا تطمئن إليه المقاومة. لم يعثر الثنائي على ضالّته سوى في رئيس تيار المردة. ذلك ما يعني أنه مرشحه الوحيد لا مرشحه الأول.
ثانية، يقول بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، مؤداها موافقته على الحوار لا على آليّته المقترحة، وهي الطاولة المستديرة. ينادي بحوار ثنائي أو ثلاثي منفصل يسبق جلسة الانتخاب بغية التوصل الى مرشح يصير الى التوافق عليه. ذلك ما يفترض الذهاب الى مرشح ثالث يقفز من فوق الترشيح المعلن لفرنجية والترشيح المضمر لقائد الجيش العماد جوزف عون.
ثالثة، يتحدث عنها حزب القوات اللبنانية رافضاً حوار الطاولة المستديرة مع اقتراحه بديلاً منها يوافق عليه دونما أن يُعدّ حواراً، بل تشاور تجريه الكتل في خلال انعقاد جلسة انتخاب الرئيس بالذات، لا قبلها، يصير فيها بين جولات الاقتراع الى تداول سبل إنجاز الاستحقاق بالمرشح ذي فرصة التوافق عليه.
سبق أن خبرَ لبنان مرتين حالاً مماثلة عامَي 1970 و1989 لم تتكرّرا بعدذاك: الأولى في 17 آب بين الدورتين الأولى والثانية بين المرشحَيْن: سليمان فرنجية الجدّ وإلياس سركيس بمسعى استبعادهما معاً والاتفاق على ثالث أخفق، فاحْتُكم الى الاقتراع في الدورة الثالثة. الثانية معاكسة في 5 تشرين الثاني بتنافس ثلاثة مرشحين هم: رينيه معوض وجورج سعادة وإلياس الهراوي في الدورة الأولى، ما اقتضى رفع الجلسة ربع ساعة. في خلالها، انسحب سعادة والهراوي لمعوّض كي ينتخب في الدورة الثانية.
ما ترومه كتلة نواب حزب القوات اللبنانية الذهاب للتوّ الى جلسة الانتخاب وإجراء تشاور في خلالها، وصولاً الى مرشح واحد متوافق عليه أو اثنين يُحتكم معهما عندئذ الى الاقتراع. ليس حواراً في كل حال ولا يستبق انتخاب الرئيس.تباعُد وجهات النظر هذه، والأصح تناقضها، يُمعن في إمرار الوقت في الشغور:
– الأفرقاء الثلاثة الأكثر تأثيراً والمعنيّون باكتمال النصاب الموصوف لجلسة الانتخاب (86 نائباً)، الثنائي الشيعي والكتلتان المسيّحيتان الكبريان، يملك كل منهم فيتو منع انعقادها. لا الكتلتان المسيحيتان تذهبان الى جلسة انتخاب فرنجية، ولا جلسة انتخاب تحصل في غياب الثنائي الشيعي. المعضلة الحالية أن طائفتين تمسكان بإجراء الاستحقاق كما بعرقلته. إلا أنه لا رئيس في غياب إحداهما.
– تيقّن السفراء الخمسة، وخصوصاً في جولاتهم الأخيرة على الأفرقاء، أن المشكلة ليست في المرشح بل في نصاب انعقاد الجلسة أولاً. سُمع بعضهم في مراحل انقطاعهم بعد اجتماعهم الأخير في نيسان، وهم يحاولون التنصّل من دعم أيٍّ من المرشحين، أن التوافق الذي يلحّون عليه حمْل الكتل على الاقتناع بحضور جلسة مكتمل نصابها للتمكن من انتخاب الرئيس. ليس اقتناعهم هذا سوى تعبير عن عجزهم عن فرض خيارات على أطراف في الواقع لا يلقون بثقلهم لإتمام الاستحقاق خارج الشروط التي يتسلّح بها كل منهم.
– يتذرّع المناوئون لحوار الطاولة المستديرة بدوافع لتبرير اعتقادهم بفشله سلفاً وتعذّر الوصول منه الى انتخاب رئيس، آخذين بأنموذجَين حاليَّين: فشل حوار الحليفَين المفترضَين، حزب الله والتيار الوطني الحر، حول الاستحقاق وترشيح فرنجية فافترقا، فيما كلّ منهما يحتاج الى الآخر، وفشل كتلة الاعتدال الوطني في حوارها مع الكتل، ولا سيّما منها الثنائي الشيعي في تسويق آليّة مختلفة للحوار بأن تبخرت مبادرتها فجأة.
– الأفرقاء الثلاثة الأكثر تأثيراً والمعنيّون باكتمال النصاب الموصوف لجلسة الانتخاب (86 نائباً)، الثنائي الشيعي والكتلتان المسيّحيتان الكبريان، يملك كل منهم فيتو منع انعقادها. لا الكتلتان المسيحيتان تذهبان الى جلسة انتخاب فرنجية، ولا جلسة انتخاب تحصل في غياب الثنائي الشيعي. المعضلة الحالية أن طائفتين تمسكان بإجراء الاستحقاق كما بعرقلته. إلا أنه لا رئيس في غياب إحداهما.
– تيقّن السفراء الخمسة، وخصوصاً في جولاتهم الأخيرة على الأفرقاء، أن المشكلة ليست في المرشح بل في نصاب انعقاد الجلسة أولاً. سُمع بعضهم في مراحل انقطاعهم بعد اجتماعهم الأخير في نيسان، وهم يحاولون التنصّل من دعم أيٍّ من المرشحين، أن التوافق الذي يلحّون عليه حمْل الكتل على الاقتناع بحضور جلسة مكتمل نصابها للتمكن من انتخاب الرئيس. ليس اقتناعهم هذا سوى تعبير عن عجزهم عن فرض خيارات على أطراف في الواقع لا يلقون بثقلهم لإتمام الاستحقاق خارج الشروط التي يتسلّح بها كل منهم.
– يتذرّع المناوئون لحوار الطاولة المستديرة بدوافع لتبرير اعتقادهم بفشله سلفاً وتعذّر الوصول منه الى انتخاب رئيس، آخذين بأنموذجَين حاليَّين: فشل حوار الحليفَين المفترضَين، حزب الله والتيار الوطني الحر، حول الاستحقاق وترشيح فرنجية فافترقا، فيما كلّ منهما يحتاج الى الآخر، وفشل كتلة الاعتدال الوطني في حوارها مع الكتل، ولا سيّما منها الثنائي الشيعي في تسويق آليّة مختلفة للحوار بأن تبخرت مبادرتها فجأة.
المصدر:”الاخبار – نقولا ناصيف”
**