في موازاة الانهيار المالي والاقتصادي، والاستعصاء العبثي في الملف الرئاسي، يبدو انّ الوضع الحربي على الجبهة الجنوبيّة قد بدأ الدخول في مدار المفاجآت الدراماتيكية، حيث نحى بالأمس الى تصعيد كبير لا يوفّر اي منطقة جنوبية، تجلّى ذلك في الاعتداءات الاسرائيلية المكثفة بالغارات الجوية والقصف المدفعي على القرى والبلدات اللبنانية واستهداف المدنيين، بالتزامن مع تهديدات متتالية بعمل عسكري واسع ضدّ لبنان، يطلقها المستويان العسكري والسياسي في “اسرائيل”.
الخطير في هذا الوضع، هو تمدّد الاعتداءات الاسرائيلية من المنطقة الحدودية الى مسافات بعيدة من خط الحدود، حيث بعد العملية العدوانية في جدرا الشوف، تمدّدت هذه الاعتداءات بالأمس الى ما يزيد عن 50 كيلومتراً من الحدود، باستهداف منطقة الزهراني وصيدا، بغارات جوية استهدفت مستودعاً في المنطقة الصناعية لصناعة المولّدات خلف مستشفى الراعي، ومستودعاً تابعاً لمعمل لتصنيع الحديد في منطقة الغازية، ما ادّى الى تدمير المستودعين واصبة 13 شخصاً بجروح. واعلن الجيش الاسرائيلي انّه استهدف بنية تحتية لـ«حزب الله» في هجوم الغازية قرب صيدا. وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي: «هاجمنا مخازن اسلحة لـ«حزب الله» في الغازية رداً على هجوم مسيّرة للحزب على طبريا».
وقد نفى صاحب شركة المولّدات «إنفينيت باور» المستهدفة في غارة الغازية، وجود أي مخازن أسلحة، مشيراً في حديث للصحافيين الى أنّ المكاتب والمولّدات احترقت بالكامل.
ويأتي هذا العدوان، في أعقاب سلسلة غارات نفّذها طيران العدو على وادي مريمين والعديسة وميس الجبل وبليدا وبين البستان ويارين، واطراف بلدة مروحين، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف طال ميس الجبل واطراف علما الشعب، الضهيرة، شيار بيت هيدوس بين بيت ليف وياطر، وعيتا الشعب وعدد من بلدات القطاع الشرقي.
وفي المقابل، رفع «حزب الله» وتيرة العمليات العسكرية التي ينفّذها ضدّ مواقع جيش العدو والمستوطنات الاسرائيلية. وأعلن انّ المقاومة الاسلامية استهدفت موقع زرعيت وموقع بركة ريشا وموقع الرمتا وموقع السماقة في مزارع شبعا.
الى ذلك، لا تبدو في الأفق الجنوبي اي مؤشرات لتبريد الجبهة المشتعلة بين «حزب الله» والجيش الاسرائيلي. وردّت مصادر مسؤولة ذلك الى عدم قبول لبنان اي شروط تطمئن الجانب الاسرائيلي، وتُخضع الجانب اللبناني، ولمسافة كيلومترات بعيداً من الحدود، لترتيبات على حساب لبنان توفّر الامن والاستقرار للمستوطنين في المستعمرات الاسرائيلية القريبة من الحدود.
واكّدت المصادر أن لا إمكانية لتمرير ترتيبات من هذا النوع، تتجاوز القرار 1701 الذي يؤكّد لبنان التزامه الكامل بكل مندرجاته،. والتهديدات الاسرائيلية لن تغيّر في الموقف اللبناني وهو ما تمّ ابلاغه لكل الموفدين.
وفي ظلّ هذا التعقيد، رجحت المصادر استمرار وتيرة التصعيد على حالها من التفجّر، مع احتمال تدرّجها صعوداً، طالما انّ الحرب الاسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، ولفتت الى أنّ الحلول ليست وشيكة، ونقلت عن بعض الديبلوماسيين الاوروبيين تخوّفهم من استمرار هذه الحرب لأربعة اشهر اضافية على أقل تقدير.