على وقع التطورات الامنية والعسكرية جنوباً لم ينجح العسكريون المتقاعدون في منع انعقاد جلسة مجلس الوزراء حيث التفّ الوزراء عليهم وخرقوا تجمعاتهم بآليات الجيش العسكرية وشقوا الطريق الى السرايا الحكومية، فدخلوها عبر خط عسكري بعد فشل الخط المدني، فتأمّن نصاب الجلسة بحضور ١٧ وزيراً، منهم 10 دخلوا في آليات عسكرية مصفحة من نوع vap تابعة للجيش اللبناني. امّا الاصرار على عقد الجلسة فكان لإمرار تعيين رئيس لأركان الجيش من خارج جدول الاعمال بالاضافة الى توقيع قانون الموازنة العامة لسنة 2024 تمهيداً لنشرها في «الجريدة الرسمية» لكي تصبح أحكامها وموادها، وخصوصاً الضريبية والرسوم، نافذة.
واكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان الرئيس ميقاتي أصَرّ على عقد الجلسة لإمرار هذين البندين، ولم يدخل في اي بند آخر لعدم استفزاز العسكريين. وغَمزت المصادر من قناة السبب الحقيقي الذي يكمن وراء التحرك، وقالت: «هل كان المطلوب تعطيل نصاب الجلسة بعدما تسربَ ليلاً ان الرئيس ميقاتي قرر تعيين رئيس للاركان، مُذكّرة بالتحرك الشهير الذي منع الجلسة التي كان يفترض ان تمدد ولاية قائد الجيش من الانعقاد». وأقرّت المصادر بأنه «كانت هناك نية لطرح بند التقديمات والمساعدات للقطاع العام داخل الجلسة من خارج جدول الاعمال ولكن ليس بالصورة التي تم تسريبها».
واضافت: «انّ الرئيس ميقاتي فاتحَ الوزراء بنيّته إجراء هذا التعيين ولم يمانع احد وكان معظمهم على علم بهذا الامر». وقالت «انّ الوضع الامني في البلاد يستدعي عدم التأخر في تعيين رئيس للأركان، وبالتالي يجب البت بهذه المسألة. ولقد قارَبنا الامر من زاوية ان اقتراح وزير الدفاع تعذّر، والاقتراح هو من الاجراءات الشكلية المطلوبة، وبما انه متعذر بفعل الموقف السياسي للوزير فيمكن ان يتصدّى مجلس الوزراء للشكلية المستحيلة ويعيّن رئيس الاركان (الاجراء الشكلي مطلوب ولكنه مستحيل)».
وقد أدى هذا الاجراء الى اندلاع اشتباك سياسي جديد امس بعد قرار مجلس الوزراء بتعيين العميد حسان عودة رئيساً لأركان الجيش بعد ترقيته الى رتبة لواء، وسيعقد المجلس جلسة اخرى غداً للبحث في جدول اعمال اداري ومالي من 4 بنود، بينها تعيينات الاعضاء الحكميين في المجلس الوطني للضمان واعطاء تعويضات للموظفين المتقاعدين وللعسكريين، وقد يتطرّق الى بقية التعيينات في المجلس العسكري لملء الشغور فيه.
وبعد الجلسة، برّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تعيين اللواء عودة بأنه «يكتسب ضرورة اليوم في هذه الظروف التي يمر بها لبنان». وأعلن عن عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء غداً ستخصّص للبحث في أوضاع العسكريين المتقاعدين وموظفي القطاع العام، مضيفاً: «نحن حريصون على حقوق كافة المواطنين». وقال: «تم التصديق على نشر موازنة العام 2024 وستكون فوراً موضع التنفيذ».
ولاحقاً، علّق وزير الدفاع الوطني موريس سليم على تعيين رئيس للاركان في الجيش من دةن اقتراح منه، فقال: «انها مخالفة دستورية وقانونية جديدة ارتكبها رئيس الحكومة تضاف الى سلسلة مخالفات وتجاوزات تُرتكَب منذ بدء الشغور الرئاسي، وسيُبنى على هذه المخالفة ما يقتضى لحماية المؤسسة العسكرية من التجاوزات التي تستهدفها في وقت يُفترض ان تبقى بعيدة عن المحاصصة والمحسوبيات وتسديد الفواتير السياسية». ونفى ان يكون قد اقترح اي اسماء للتعيينات العسكرية انسجاماً مع رغبة عارمة رسمية وسياسية وروحية بعدم اجراء اي تعيين في الوظائف الشاغرة في غياب رئيس الحمهورية»، وقال: «المؤسف ان رئيس الحكومة كان في طليعة الرافضين للتعيينات في ظل الشغور الرئاسي».
من جهته، قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في بيان: «8 شباط 2024 هو اليوم الذي نحرت فيه حكومة مستقيلة دستور «الطائف». مَن اقترح على الحكومة المستقيلة تعيين موظف فئة اولى من دون الوزير المعني، هو قد اغتصب صلاحية دستورية تعود لوزير الدفاع وفقاً للمادة 66 من الدستور، وهذا جرم جنائي مُعاقب عليه بالاعتقال لمدّة لا تقل عن 7 سنوات وفقاً للمادة 306 من قانون العقوبات».
اضاف: «وهو كذلك مسؤول عن افعاله الجنائية امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفقاً للمادتين 70 و 71 من الدستور. لنرى اذا كان هناك 26 نائباً، على الأقل، وخصوصا من الذين يطالبون بالتغيير وبدولة القانون، مستعدين لتقديم طلب اتهام بحقه بموجب عريضة تُقدّم للمجلس النيابي وفقاً للقانون 1990/13 «. ورأى ان «من البديهي ايضاً ان يقدّم طعن امام مجلس شورى الدولة بقرار كهذا، وبمرسوم كهذا صادر من دون توقيع الوزير المعني، ومن الطبيعي ان يُقبل الطعن ويتم وقف تنفيذ القرار فوراً وإلغائه، والاّ ما معنى ان يكون هناك دستور وقانون وشورى دولة». واعتبر انّ «رئيس الحكومة الذي قدّم الاقتراح قد ذبحَ الطائف، وانّ الوزراء المشاركين اعلنوا وفاته اليوم؛ وكل من غطّى هذه العملية بالقبول المبطّن او بالسكوت هو شريك في الجريمة».